باب دلك المرأة نفسها إذا تطهرت من المحيض، وكيف تغتسل وتأخذ فرصة ممسكة فتتبع بها أثر الدم
بطاقات دعوية
عن عائشة أن امرأة [من الأنصار] سألت النبي- صلى الله عليه وسلم - عن غسلها من المحيض؟ فأمرها كيف تغتسل؛ قال:
" خذي فرصة من مسك فتطهري بها [(ثلاثا) "، ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - استحيا فأعرض بوجهه، أو قال: "توضئي بها"]. قالت: كيف أتطهر بها؟ قال: " سبحان الله تطهري". [قالت عائشة: فعرفت الذي يريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - 8/ 159]، [فأخذتها] فاجتذبتها إلي، فقلت: تتبعي أثر الدم.
علَّمَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ النِّساءَ كيفيَّةَ التطهُّرِ والاغتسالِ مِن الحَيضِ والدَّمِ، وذكَرَ كيفيَّةَ ذلك بأسلوبٍ راقٍ ومُهذَّبٍ مراعًى فيه الحَياءُ، وقد علَّم نِساءَه كلَّ ذلك؛ لِيُعلِّمْنَه نِساءَ المسلِمينَ.وفي هذا الحديثِ تخبِرُ عائشةُ أمُّ المؤمنينَ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ امرأةً، قيل: هي أسماءُ بنتُ شَكَلٍ، وقيل غيرُها، جاءتْ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فسألَتْه عن كيفيَّةِ غُسلِها بعْدَ انقطاعِ الحيْضِ، فذَكَرَ لها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كَيفيَّةَ الغُسلِ، فأمَرَها أن تأخُذَ قِطعةً مِن صُوفٍ أو قُطنٍ عليها مِن طِيبِ المِسكِ، ثمَّ تطهِّرَ بها مَوضعَ الدَّمِ، ولكنَّ المرأةَ لم تَفهَمْ هذه الكَيفيَّةَ، وسألتْ مرَّةً أخرى كيف تطهرُ بهذه القِطعةِ المُطَيَّبةِ مِن القُطنِ؟ فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «سبحانَ اللهِ! تطَهَّري»، فتَعجَّب صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن عدَمِ مَعرفتِها كيفَ تتطهَّرُ بها، وهو أمرٌ ظاهرٌ لا يَجهلُه أحدٌ، وعندَ ذلك اجتبَذَتْها عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها، أمْسَكَتْها وضمَّتْها إليها، وقالتْ لها: تتبَّعِي بها أثرَ الدَّمِ، فاجعليها في الفَرْجِ وحيثُ أصابَ الدَّمُ؛ لِلتَّنظيفِ، ولِقطْعِ رائحةِ الأذَى مِن دمِ الحَيضِ.وفي الحديثِ: ما كان عليه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن الحَياءِ ومَحاسِنِ الأخلاقِ.وفيه: استِعمالُ الحَياءِ عندَ ذِكْرِ العَوْراتِ، خُصوصًا فيما يَذكُرُه الرِّجالُ بحَضرةِ النِّساءِ، والنِّساءُ بحَضرةِ الرِّجالِ، والتعريضُ بالألْفاظِ المستقبَحةِ، وتجنُّبُ ذِكرِها، والانقباضُ والاستحياءُ عندَ ذلِك، وترْكُ التَّصريحِ بها.وفيه: بيانُ دَورِ المرأةِ العاقلةِ العالِمةِ في تَوصيلِ المفاهيمِ، وتعليمِ غَيرِها مِن النِّساءِ.