باب نقض المرأة شعرها عند غسل المحيض

بطاقات دعوية

باب نقض المرأة شعرها عند غسل المحيض

 عن عائشة قالت: خرجنا موافين لهلال ذي الحجة، (وفي رواية: لخمس ليال بقين من ذي الحجة 4/ 7) [ولا نرى إلا أنه الحج 2/ 151]، (فأهللنا بعمرة، ثم قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

"من كان عنده هدي فليهل بالحج مع العمرة، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا" 5/ 124]، [فنزلنا بسرف، قالت: فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أصحابه 2/ 150]، فقال:

"من [لم يكن منكم معه هدي فـ] أحب أن يهل بعمرة فليهلل (وفي رواية: فأحب أن يجعلها عمرة فليفعل، ومن كان معه الهدي فلا)، فإني لولا أني أهديت لأهللت بعمرة"، فأهل بعضهم بعمرة، وأهل بعضهم بحج، [ومنا من أهل بحجة وعمرة]. [قالت: فأما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجال من أصحابه فكانوا أهل قوة، وكان معهم الهدي، فلم يقدروا على العمرة]، وكنت أنا ممن أهل بعمرة [ولم يسق الهدي]، [فحضت]، فأدركني يوم عرفة وأنا حائض، فشكوت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، (وفي رواية: فدخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبكي، فقال: "ما يبكيك يا هنتاه؟ ". قلت: [لوددت- والله- أني لم أحج العام 1/ 79]، سمعت قولك لأصحابك، فمنعت العمرة، قال: "وما شأنك [أنفست؟ " 6/ 235]. قلت: [نعم]، لا أصلي، قال: " فلا يضيرك، (وفي رواية: فلا يضرك 2/ 202)، إنما أنت امرأة من بنات آدم، كتب الله عليك ما كتب عليهن) (وفي طريق: إن هذا أمر (وفي رواية: شيء) كتبه الله على بنات آدم 1/ 77)، فدعي (وفي رواية: ارفضي 2/ 200) عمرتك، وانقضي رأسك وامتشطي، وأهلي بحج، (وفي رواية: فكوني في حجتك، فعسى الله أن يرزقكيها)، [قال: [فـ] افعلي كما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت (4) حتى تطهري 2/ 171] "، ففعلت. [فقدم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فطاف بالبيت، وبين الصفا والمروة، ولم يحل، وكان معه الهدي، فطاف من كان معه من نسائه وأصحابه 2/ 196]، [فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - من لم يكن ساق الهدي أن يحل، فحل [منهم] من لم يكن ساق الهدي، ونساؤه لم يسقن، فأحللن، (قالت: قال رسول - صلى الله عليه وسلم -:
" لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي، ولحللت مع الناس حين حلوا" 8/ 128].
[قالت: فلم أطف بالبيت]، [قالت: فخرجنا في حجته، حتى قدمنا منى فطهرت]، [قالت: فدخل علينا يوم النحر بلحم بقر، فقلت: ما هذا؟ فقالـ[ـوا]: نحر (وفي رواية: ذبح 2/ 187 وفي أخرى: ضحى) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أزواجه [بالبقر].- قال يحيى: فذكرت هذا الحديث للقاسم بن محمد، فقال: أتتك والله بالحديث على وجهه 4/ 7]-[ثم خرجت من منى فأفضت بالبيت [يوم النحر 2/ 189]، قالت: ثم خرجت معه في النفر الآخر]، حتى إذا كان ليلة الحصبة [نزل المحصب، ونزلنا معه]، [فقالت: يا رسول الله يرجع الناس بعمرة وحجة، وأرجع أنا بحجة؟ (وفي طريق: يرجع أصحابك بأجر حج وعمرة، ولم أزد على الحج؟ 4/ 14) قال: "وما طفت ليالي قدمنا مكة؟ ". قلت: لا، قال:
"فاذهبي مع أخيك [وليردفك] إلى التنعيم، فأهلي بعمرة، ثم موعدك كذا وكذا،، [ولكنها على قدر نفقتك أو نصبك 2/ 201] ".
[وحاضت صفية بنت حيي 2/ 196]، [ليلة النفر، فـ 2/ 198]، [قالت: ما أراني إلا حابستهم. (وفي رواية: حابستكم)]، [فأراد النبي - صلى الله عليه وسلم - منها ما يريد الرجل من أهله، فقلت: يا رسول الله إنها حائض]، (وفي طريق: لما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ينفر إذا صفية على باب خبائها كئيبة 6/ 184) [حزينة لأنها حاضت، ف 7/ 110] [قال [لها]: "عقرا حلقا]-[لغة قريش]-[حابستنا هي؟] [أو ما طفت يوم النحر؟ ". قالت: قلت: بلى، قال: "لا بأس، انفري] [إذن] ".
[قالت: فدعا عبد الرحمن بن أبي بكر فقال:
"اخرج بأختك من الحرم، فلتهل بعمرة، ثم افرغا، ثم ائتيا ههنا، فإني أنظركما حتى تأتياني"، قالت] فخرجت إلى التنعيم، [فأحقبها (5) عبد الرحمن على ناقة 2/ 141]، [62 - وحملها على قتب 2/ 141 - 142]، قالت: فأهللت بعمرة

مكان عمرتي [التي نسكت]، [حتى إذا فرغت، وفرغت من الطواف، تم جئته بسحر]، [قالت عائشة رضي الله عنها: فلقيني النبي - صلى الله عليه وسلم -[مدلجا]، وهو مصعد من مكة، وأنا منهبطة عليها، أو أنا مصعدة، وهو منهبط منها]، (وفي رواية: فانتظرها بأعلى مكة حتى جاءت)، [فقال: "هل فرغتم؟ "، فقلت: نعم]، [قال: "هذه مكان عمرتك"]. [فقضى الله حجتها وعمرتها، ولم يكن في شيء من ذلك هدي، ولا صدقة، ولا صوم".
[قالت: فطاف الذين كانوا أهلوا بالعمرة بالبيت، وبين الصفا والمروة ثم حلوا، ثم طافوا طوافا واحدا (وفي رواية: أخرى 2/ 168) بعد أن رجعوا من منى، وأما الذين جمعوا الحج والعمرة، فإنما طافوا طوافا واحدا 2/ 149] (6).
[قالت: فآذن بالرحيل في أصحابه، فارتحل الناس [ومن طاف بالبيت قبل صلاة الصبح، ثم خرج]، فمر متوجها إلى المدينة].
(ضير) من ضار يضير ضيرا، ويقال: ضار يضور ضورا، وضر يضر ضرا.

أَنْساكُ الحَجِّ ثَلاثةٌ: التَّمَتُّعُ؛ وهو أنْ يُحْرِمَ الحاجُّ بالعُمْرةِ في أشهُرِ الحجِّ -وهي شَوَّالٌ وذو القَعدةِ، وذو الحِجَّةِ- ثُمَّ يَحِلَّ منها، ثُمَّ يُحْرِمَ بالحَجِّ مِن عامِه. والقِرَانُ؛ وهو أنْ يُحْرِمَ الحاجُّ بالحَجِّ والعُمْرَةِ معًا. والإفْرادُ؛ وهو أنْ يُحْرِمَ الحاجُّ بالحَجِّ فَقَطْ.
وفي هذا الحديثِ تَحكي عَائِشَةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّها خرَجَتْ مع رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في أشهُرِ الحجِّ، ولَيالي الحَجِّ، أي: أزمِنَتِه وأمكِنَتِه وَحالاتِه، وحُرُمِ الحجِّ، أي: مَمنوعاتِ الحجِّ ومُحرَّماتِه، فنَزَلوا بِسَرِفَ، وهو اسمُ بُقعةٍ على بُعدِ سِتَّةِ أميالٍ (10 كم تقريبًا) مِن مَكَّةَ، فخرَج صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى أصحابِه فقالَ لهم: مَن لم يكُن مِنكُم معه هَدْيٌ -وهو اسمٌ لِما يُهدَى ويُذبَحُ في الحرَمِ مِن الإبلِ والبقَرِ والغنَمِ والمَعْزِ- فأَحَبَّ أنْ يَجعَلَ حَجَّتَه عُمرةً، فلْيفعَلْ، ولا حرَجَ عليه؛ وذلك لأنَّ الصَّحابةَ رَضيَ اللهُ عنهم لمَّا خَرَجوا مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في حَجَّةِ الوَداعِ أحْرَموا جَميعًا بعُمرةٍ وحَجَّةٍ معًا، فلمَّا أنْ قَضى الجميعُ عُمرتَهم، أمَرَ مَن لم يَسُقِ الهَدْيَ أنْ يَحِلُّوا مِن إحرامِهم، ويُباحُ لهم كلُّ شَيءٍ، حتَّى إذا كان يومُ التَّرويةِ أحْرَموا للحجِّ، ومَن كان معه الهَدْيُ فلا يَجعَلْها عُمرةً، بلْ يَبْقى على إحرامِه، ولا يَحِلُّ منه، وتَدخُلُ أعمالُ عُمرتِه مع أعمالِ الحجِّ، فكان مِن الصَّحابةِ الآخِذَ بالعُمرةِ والتارِكَ لها، وظاهرُه أنَّ الأمرَ كان على التَّخييرِ؛ قيل: خيَّرَهم أوَّلًا بيْن الفسْخِ وعدَمِه مُلاطفةً لهم وإيناسًا بالعُمرةِ في أشهُرِ الحجِّ؛ لأنَّهم كانوا يَرَونها مِن أفجَرِ الفُجورِ، ثمَّ حتَّمَ عليهم بعْدَ ذلك الفسْخَ، وأمَرَهُم أمْرَ عَزيمةٍ، وألْزَمَهم إيَّاهُ، وكَرِهَ تَرَدُّدَهم في قَبولِ ذلك، ثمَّ قَبِلوه وفَعَلوه، إلَّا مَن كان معه هَدْيٌ، وأمَّا رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ورِجالٌ مِن أصحابِه فكانوا أهلَ قوَّةٍ، وكان معهم الهَدْيُ، فلم يَتحلَّلوا بعُمرةٍ.
فدَخَل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على عائِشةَ وهي تَبكي، فسَأَلَها: مَا يُبكيكِ يا هَنْتَاهُ؟ أي: يا بَلْهَاءُ، كأنَّها نُسِبت إلى قِلَّةِ المعرفةِ بِمَكايدِ النَّاسِ وشُرورهِم، أو المعنى: يا هذه. فأجابَتْ بأنَّها سَمِعَتْ قولَه لأصحابِه بأنَّ مَن لم يكُنْ معه الهَدْيُ فلْيَتحلَّلْ بعْدَ العُمرةِ، وأعْلَمَتِ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّها مُنِعت مِن أعمالِ العُمرةِ، مِن الطَّوافِ والسَّعيِ -وكانت قارِنةً-؛ لأنَّها حائِضٌ، وعبَّرَت عن الحَيضِ بقولِها: «لا أُصلِّي» تَأدُّبًا منها، فسَلَّاها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وخفَّفَ همَّهَا، فأخبَرها أنَّ هذا لا يَضيرُها، أي: لا يَضرُّها شيئًا؛ وأنَّها إنَّما هي امرأةٌ مِن بناتِ آدَمَ، كتَبَ اللهُ عليها ما كَتَبَ عَليهنَّ؛ فلَيستْ مُختصَّةً بذلك، بلْ كلُّ بَناتِ آدَمَ يكونُ مِنهنَّ هذا، وأخبَرَها أنْ تُكمِلَ حَجَّتَها، فعَسَى أنْ يَرزُقَها اللهُ تعالَى بها وتُكمِلَها.
فخَرَجَت عائِشةُ رَضيَ اللهُ عنها في حَجَّتِها حتَّى قَدِمَت مَشعرَ مِنًى -وهو وادٍ تُحيطُ به الجِبالُ، ويقَعُ شَرْقَ مكَّةَ، على الطَّريقِ بيْن مكَّةَ وجَبَلِ عَرَفةَ، ويَبعُدُ عن المسجدِ الحرامِ نحْوَ (6 كم) تَقريبًا، وفيه تُقامُ بَعضُ شَعائرِ الحجِّ، مِثلُ رمْيِ الجَمَراتِ- وكان ذلك يومَ النَّحرِ في العاشرِ مِن ذي الحجَّةِ، فطَهُرَتْ في ذلك اليومِ، ثمَّ خرَجَتْ مِن مِنًى، فأفاضَتْ بالبَيتِ، أي: فطافَتْ به طَوافَ الإفاضةِ، ثمَّ خَرَجَتْ مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في النَّفْرِ الآخِرِ، مع القَومِ الذين يَنفِرون مِن مِنًى في اليومِ الثَّالثَ عشرَ مِن ذي الحجَّةِ، وأمَّا النَّفْرُ الأوَّلُ ففي الثاني عشَرَ، ثمَّ نَزَلَت مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المُحَصَّبَ، وهو مَوضِعٌ مُتَّسِعٌ بيْن مَكَّةَ ومِنًى، وسُمِّيَ بالمُحَصَّبِ؛ لاجتماعِ الحَصْبَاءِ فيه بحمْلِ السَّيلِ.
ودَعا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عبدَ الرَّحمنِ بنَ أبي بَكرٍ الصِّدِّيقِ رَضيَ اللهُ عنهما، وأمَرَه أنْ يَخرُجَ بأُختِه عائشةَ رَضيَ اللهُ عنها مِن الحَرَمِ إلى أدْنى الحِلِّ في التَّنعيمِ؛ لِتُحرِمَ بالعُمرةِ؛ لتَجمَعَ في النُّسُكِ بيْنَ أرضِ الحلِّ والحرمِ، كما يَجمَعُ الحاجُّ بيْنهُما، فلْتُهِلَّ بعُمرةٍ مَكانَ العُمرةِ الَّتي مَنَعَها الحَيضُ منها، ثمَّ بعْدَ الفراغِ مِن العُمرةِ يَرجِعَا إلى المُحَصَّبِ مرَّةً أُخرى، حيث يَنتظِرُهما النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ففَعَلَتْ ما أمَرَها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ به وخَرَجَت إلى التَّنْعِيمِ -وهو مَوضِعٌ على طَريقِ المدينةِ، على بُعد (7 كم) مِن الحرَمِ الشَّريفِ، يُحرِمُ منه مَن كان بمكَّةَ- فأحْرَمَت بالعُمرةِ، حتَّى إذا فَرَغَت منها وفَرَغَت أيضًا مِن طَوافِ الوَداعِ، رجَعَت إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قُبَيْلَ الفَجْرِ الصَّادقِ، وأخبَرتْه أنَّها انْتَهَت مِن العُمرةِ، فأعلَمَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أصحابَه بالرَّحيلِ، فارتحَلَ النَّاسُ، فمَرَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالبيتِ، فطاف به طَوافَ الوداعِ قبْلَ صَلاةِ الصُّبحِ حالَ كَونِه مُتوجِّهًا إلى المدينةِ، كما في رِوايةِ مُسلمٍ.
وفي الحديثِ: رَحمةُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وتَسليتُه لزَوجِه عندَ حُزنِها.
وفيه: أنَّ آخِرَ أعْمالِ الحاجِّ هو طَوافُ الوداعِ، ثمَّ الرَّحيلُ إلى بِلادهِ.