باب العمل في الصلاة
حدثنا أحمد بن حنبل، ومسدد، وهذا لفظه، قال: حدثنا بشر يعني ابن المفضل، حدثنا برد، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أحمد - يصلي والباب عليه مغلق، فجئت فاستفتحت - قال أحمد: - فمشى ففتح لي، ثم رجع إلى مصلاه، وذكر أن الباب كان في القبلة "
الصلاة عبادة توقيفية، وقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم كيفياتها وهيئاتها وأفعالها وأقوالها بقوله وفعله، وقد نقلها الصحابة رضي الله عنهم كما تعلموها منه وكما رأوه يصلي صلى الله عليه وسلم
وفي هذا الحديث تقول عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: "استفتحت الباب"، أي: طلبت فتحه؛ لكونه مغلقا، بالطرق عليه مثلا، أو بمناداة واستئذان على من بداخله، "ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي تطوعا"، أي: ليست صلاته بالفريضة، "والباب على القبلة"، أي: في اتجاه القبلة، إشارة منها إلى عدم استدباره صلى الله عليه وسلم للقبلة لو كان الباب في غيرها، وكذلك حين رجوعه لموضع المصلى، "فمشى عن يمينه- أو عن يساره-"، أي: نحو الباب، ولا ينافي هذا قولها: "والباب على القبلة"؛ لأن المراد به أن الباب ليس في دبر القبلة، بحيث يؤدي فتحه إلى استدبارها، بل هو في جهتها، إلا أنه يميل إلى اليمين أو اليسار، بحيث لا يستلزم فتحه استدبارها، بل يميل قليلا، وهذا لا ينافي الصلاة، "ففتح الباب ثم رجع إلى مصلاه"، أي: للموضع الذي يصلي فيه؛ إشارة إلى استكمال صلاته، وكان رجوعه على عقبيه مستقبلا للقبلة في غير كلام والتفات. وقد أخرج البخاري عن أنس رضي الله عنه: "أن المسلمين بينما هم في صلاة الفجر من يوم الإثنين، وأبو بكر يصلي بهم، لم يفجأهم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كشف ستر حجرة عائشة، فنظر إليهم وهم صفوف في الصلاة، ثم تبسم، فنكص أبو بكر على عقبيه- أي: رجع للوراء دون أن يلتفت- ليصل الصف، وظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يخرج إلى الصلاة، فأشار إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده أن أتموا صلاتكم"؛ فهذا مشي في صلاة الفريضة، ولعل أبا بكر رجع بعد ذلك إلى موضع الإمام في المحراب فتقدم خطوات أخرى إلى الأمام، وأتم الصلاة ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فدل على المشي اليسير في الصلاة عموما بشرط ألا ينحرف ببدنه عن القبلة، سواء كان المشي للأمام أو للخلف، أو يمينا أو يسارا