باب فى تعليق الأجراس
حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن عبيد الله عن نافع عن سالم عن أبى الجراح مولى أم حبيبة عن أم حبيبة عن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال « لا تصحب الملائكة رفقة فيها جرس ».
الملائكةُ مِن المخْلوقاتِ الغيبيَّةِ الَّتي خَلَقها اللهُ سُبحانه، وجَعَل لكلِّ طائفةٍ منها وَظيفةً؛ فمنهم الحَفَظةُ، ومنهم كَتَبةُ الأعمالِ، وغيرُهم، وهُم لا يَعصُون اللهَ ما أمَرَهم، واصْطحابُهم لِبَني آدمَ فيه خيرٌ للنَّاسِ
وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَفيقًا بالنَّاسِ، فكانَ يَأمُرُهم بما فيه نَفْعُهم في الدِّينِ والدُّنيا، ويُصَوِّبُ لهمْ ما اعتادوا عليه مِنَ الأفعالِ الَّتي يَكونُ فيها ضَرَرٌ بعَقائِدِهم أو مَنافِعِ حَياتِهم، وفي هذا الحديثِ يُبيِّنُ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ الملائكةَ -والمرادُ بهِم مَلائكةُ الرَّحمةِ والاستغفارِ والمعاوَنةِ، لا الحفظةُ؛ فإنَّهم لا يُفارِقون الإنسانَ؛ لأنَّهم مَأْمورونَ بحِفظِ أفعالِ النَّاسِ وأحوالِهم- لا تُرافِقُ ولا تَصحَبُ «رُفقةً» -وهي الجماعةُ المرافِقُون لبعضِهم في السَّفرِ- يكونُ فيها كَلْبٌ لِغيرِ الصَّيدِ والحِراسةِ
وكذلك لا تَصحَبُ الملائكةُ جماعةً في سَفرٍ معها «جرَسٌ» وهو ناقوسٌ مِن المعدِنِ يُعلَّقُ في عُنقِ البَعيرِ والدَّوابِّ مِمَّا يكونُ له صَلْصلةٌ وصَوتٌ عندَ الحرَكةِ
قيل: إنَّما نَهى عن الجرَسِ؛ لأنَّه يدُلُّ على أصحابِه بصَوتِه، أو لأنَّ صَوتَه لا يَنقطِعُ كلَّما تحرَّكَ المعلَّقُ به، لا سِيَّما في السَّفرِ، وقدْ رَوى مُسلِمٌ مِن حَديثِ أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «الجرَسُ مَزاميرُ الشَّيطانِ»، وكذلك لأنَّ فيه شَبهًا بصَوتِ ناقوسِ النَّصارى وشَكلِه