باب الغدو من منى إلى عرفات
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن أبي عمر العدني، حدثنا سفيان بن عيينة، عن محمد بن عقبة، عن محمد بن أبي بكر
عن أنس، قال: غدونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا اليوم من منى إلى عرفة، فمنا من يكبر، ومنا من يهل، فلم يعب هذا على هذا ولا هذا على هذا. وربما قال: هؤلاء على هؤلاء، ولا هؤلاء على هؤلاء (1)
علَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أحكامَ الحجِّ وسننَه وآدابَه، وقد نقَل الصَّحابةُ الكِرامُ كلَّ ذلك عنه.
وفي هذا الحديثِ يقولُ أنَسُ بنُ مالِكٍ رَضي اللهُ عنه: "غدَوْنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في هذا اليومِ مِن مِنىً إلى عرفَةَ"، أي: خرَجْنا مِن مِنًى صَباحًا بعدَ طُلوعِ الشَّمسِ، واتَّجهْنا إلى جبَلِ عرفَةَ يومَ التَّاسِعِ مِن ذي الحجَّةِ، ومِنًى: وادٍ قُرْبَ الحرَمِ المكِّيِّ، قال أنسٌ: "فمِنَّا مَن يُكبِّرُ، ومنَّا مِن يُهِلُّ"، أي: يَنشغِلُ البعضُ بالتَّكبيرِ، والبعضُ الآخَرُ بالتَّلبيةِ، وهي قوْلُ: لبَّيْكَ اللَّهمَّ لبَّيكَ، "فلمْ يَعِبْ هذا على هذا، ولا هذا على هذا - وربَّما قال: هؤلاء على هؤلاء، ولا هؤلاء على هؤلاء -"، أي: لمْ يُنكِرِ الملبِّي على المكبِّرِ تَكبيرَه، ولمْ ينكِرِ المكبِّرُ على الملبِّي تلبيَتَه، والظَّاهِرُ أنَّهم ما فعَلوا ذلك إلَّا لأنَّهم وجَدوا النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم فعَلَ مِثلَه؛ فقد أخرَج الإمامُ أحمدُ وغيرُه مِن حديثِ عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رضي الله عنه، قال: "خرجتُ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فما ترَك التَّلبيةَ حتَّى رمَى جَمرةَ العَقبةِ، إلَّا أنْ يَخلِطَها بتَكبيرٍ، أو تَهليلٍ"؛ فبيَّن أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كان يُلبِّي كثيرًا، ويَخلِطُها بالتَّكبيرِ قلَيلًا.
وفي الحديثِ: الذَّهابُ مبكِّرًا مِن مِنًى إلى عرفَةَ.
وفيه: مَشروعيَّةُ إكثارِ التَّلبيةِ أثناءَ المسيرِ إلى عرفَةَ مع التَّكبيرِ أيضًا.