باب الفتن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم5
سنن الترمذى
حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة، قال: سمعت زيدا العمي، قال: سمعت أبا الصديق الناجي يحدث، عن أبي سعيد الخدري قال: خشينا أن يكون بعد نبينا حدث فسألنا نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إن في أمتي المهدي يخرج يعيش خمسا أو سبعا أو تسعا» ـ زيد الشاك ـ قال: قلنا: وما ذاك؟ قال: «سنين» قال: " فيجيء إليه رجل فيقول: يا مهدي أعطني أعطني " قال: «فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله»: هذا حديث حسن وقد روي من غير وجه عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبو الصديق الناجي اسمه بكر بن عمرو، ويقال: بكر بن قيس
كان الصَّحابةُ رَضِي اللهُ عَنهم إذا أهمَّهم أمْرٌ هَرَعوا إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فيَجِدون عِندَه الدَّواءَ والشِّفاءَ، وكان يَشغَلُهم أمورُ الفِتَنِ؛ فكانوا يَسأَلون رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم عنها، فيُجيبُهم ويُريحُهم ويُعلِّمُهم كيف يَصنَعون إذا أدرَكَتهم فِتنةٌ.
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ أبو سعيدٍ الخدريُّ رضِيَ اللهُ عنه: "خَشِينا أن يَكونَ بَعدَ نبيِّنا حدَثٌ"، أي: خِفْنا أن تُدرِكَنا فتنةٌ أو أمرٌ عظيمٌ بعدَ موتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "فسَألْنا نبيَّ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: سأَلناه عن ماذا سيَكونُ بعدَ موتِه مِن الفِتَنِ أو الأمورِ العِظامِ، ولِمَن نَلجَأُ ونَحتَمي؟ "فقال"، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "إنَّ في أمَّتِيَ المهديَّ"، أي: اطمَئِنُّوا ولا تَفزَعوا؛ فإنَّه سيَكونُ مِن بَعدي وفي أمَّتي وقتَ الفِتَنِ والشَّدائدِ المهديُّ، "يَخرُجُ"، أي: المهديُّ "يَعيشُ خَمسًا، أو سبعًا، أو تسعًا-زيدٌ الشَّاكُّ-"، أي: الرَّاوي زَيدٌ هو الشَّاك ُّحيث نَسي لفظَ الحديثِ، "قال: قلنا: وما ذاك؟"، أي: قال الصَّحابةُ: وما مَعنى خَمْسٍ أو سبعٍ أو تسعٍ؛ هل هي أيَّامٌ أو شهورٌ أم ماذا؟ "قال"، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "سنين"، أي: سيَعيشُ المهديُّ في أمَّةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم خَليفةً سبعَ سِنين، كما في الرِّوايةِ الأخرى في صحيحِ مُسلمٍ "سبْعَ سنين" على الجَزْمِ.
قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "فيَجيءُ إليه الرَّجلُ"، أي: فيَأْتي الرَّجلُ إلى المهديِّ، فيقولُ: "يا مهديُّ، أعطِني أعطِني"، أي: أعطِني مالًا، قال: "فيَحْثي له في ثَوبِه ما استَطاع أنْ يَحمِلَه"، أي: يَجمَعُ له في ثوبِه ويُعْطيه مِن المالِ ما يَقدِرُ على حَملِه، وفي هذا إشارةٌ إلى كَثرةِ العَطاءِ من كَثرةِ الخيرِ حينئذٍ.