‌‌باب ما جاء علام كان يأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء علام كان يأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم

حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا معاذ بن هشام قال: حدثني أبي، عن يونس، عن قتادة، عن أنس قال: «ما أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم في خوان، ولا في سكرجة، ولا خبز له مرقق» قال: فقلت لقتادة: فعلام كانوا يأكلون؟ قال: «على هذه السفر»: هذا حديث حسن غريب قال محمد بن بشار: «ويونس هذا هو يونس الإسكاف» وقد روى عبد الوارث بن سعيد، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه
‌‌

كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم متواضِعًا في حياتِه وفي أُسلوبِ معيشتِه، مع ما فتح اللهُ عليه من المغانمِ، ولكِنَّه آثر ما عند اللهِ على ما في الدُّنيا، فلم يكُنْ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُحِبُّ تَرَفَ العَيشِ كما يَفعَلُ المُلوكُ.
وفي هذا الحديثِ يَحكِي أَنَسٌ رضِيَ اللهُ عنه أنَّه ما عَلِم النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أَكَلَ على سُكُرُّجَةٍ قَطُّ، وهي صِحَافٌ أو أَطْبَاقٌ تُوضَعُ فيها المُخَلَّللاتُ والمُشَهِّياتُ، ولم يُخبَزْ له صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذلك الخُبْزُ الرَّقِيقُ الفاخِرُ المُسمَّى بالرُّقَاقِ، ولا أَكَلَ في حَياتِه كلِّها على مائدةٍ مِن تلك الموائِدِ المُرتَفِعة عن الأرضِ التي يَأكُلُ عليها العُظماءُ والمُترَفُون.

والأَكْلُ عليها لم يَزَلْ مِن دَأبِ المُترَفينَ ووَضْعِ الجبَّارينَ؛ لِئَلَّا يَفتَقِروا إلى الانحِناءِ عندَ الأكْلِ، فكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا يُشبَّهُ بهم، وكان يَأكُلُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابُه على السُّفَرِ التي تُمَدُّ على الأرضِ؛ تَواضُعًا وزُهدًا في الدُّنيا ومَظاهرِها، وتَعليمًا لأُمَّتِه.