باب التيمم للجنب إذا لم يجد الماء
عن أبي ذر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الصعيد الطيب طهور المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته، فإن ذلك خير»، وقال محمود في حديثه: «إن الصعيد الطيب وضوء المسلم»، وفي الباب عن أبي هريرة، وعبد الله بن عمرو، وعمران بن حصين، «وهكذا روى غير واحد عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن عمرو بن بجدان، عن أبي ذر» وقد روى هذا الحديث أيوب، عن أبي قلابة، عن رجل من بني عامر، عن أبي ذر، ولم يسمه، وهذا حديث حسن صحيح " وهو قول عامة الفقهاء: أن الجنب، والحائض إذا لم يجدا الماء تيمما وصليا " ويروى عن ابن مسعود: أنه كان لا يرى التيمم للجنب، وإن لم يجد الماء، ويروى عنه أنه رجع عن قوله: فقال: «يتيمم إذا لم يجد الماء» وبه يقول سفيان الثوري، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق
علَّمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أمَّتَه كلَّ ما يتَعلَّقُ بالطَّهارةِ، وقدْ رَخَّصَ لأمَّتِه- إذا لم يَجِدوا الماءَ أو لم يَقْدِروا على استِعمالِه- أنْ يتَيمَّموا؛ رُخصةً لهم وتخفيفًا عليهم، كما يقولُ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في هذا الحديثِ: "إنَّ الصَّعيدَ"، أي: التَّرابَ الَّذي يَعلو وجْهَ الأرضِ وظاهِرَها، "الطَّيِّبَ"، أي: الطَّاهرَ النَّظيفَ الَّذي لا يُخالِطُه رَوْثٌ أو نَجاسةٌ، "طَهورُ المسلِمِ"، أي: فيه طَهارتُه عِوضًا عن الماءِ لوُضوئِه أو غُسلِه، "وإنْ لَم يجِدِ الماءَ عَشْرَ سِنينَ"، أي: وإنْ لَم يَجِدِ الماءَ زمنًا كبيرًا؛ فالمقصودُ مِن العدَدِ هنا المبالغَةُ لا حَصرُ الزَّمنِ، "فإذا وجَد الماءَ فليُمِسَّه بشَرَتَه"، أي: فإذا وجَد المسلِمُ الماءَ فليُمِسَّ جلدَه بالماءِ ويتوقَّفْ عن التَّيمُّمِ؛ فعندَ وُجودِ الماءِ يُلغَى التَّيمُّمُ، "فإنَّ ذلك خيرٌ"، أي: فإنَّ إمْساسَ جِلدِه الماءَ فيه خيرٌ له مِن تحصيلِ نظافَةِ البدنِ وإرواءِ البَشرةِ، وغيرِها مِن منافِعِ الماءِ
وفي الحديث: بيانُ يُسرِ الإسلامِ في أمْرِ الطهارةِ بإيجادِ بدائلَ عندَ فُقدانِ الماءِ أو عدمِ القُدرةِ على استِعمالِه