باب الفصل بين الخطبتين بالجلوس
سنن النسائي
أخبرنا إسمعيل بن مسعود، قال: حدثنا بشر بن المفضل، قال: حدثنا عبيد الله، عن نافع، عن عبد الله، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب الخطبتين وهو قائم، وكان يفصل بينهما بجلوس»
صَلاةُ الجُمُعةِ وخُطبتُها مَظهرٌ إسلاميٌّ فريدٌ، وهي بمَنزلةِ الإعلامِ عندَ المُسلِمين؛ فبها يتَحصَّلُ المُسلِمُ على الموعظةِ وحالِ أُمَّةِ الإسلامِ، ونحوِ تلك المعاني
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عمرَ رضِيَ اللهُ عنهما عن كَيفيَّةِ خُطبةِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ فيقولُ: "إنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَخطُبُ الخُطبَتينِ وهو قائمٌ"، أي: يقِفُ عندَ إلْقاءِ الخُطبةِ، وكانتْ مكوَّنةً من خُطبتَينِ، والمُرادُ بها: خُطبةُ الجُمُعةِ، يُوجِّههم فيهما إلى الخَيرِ، ويَزجُرُهم عن الشَّرِّ، وقد صَحَّ أنَّه كان يقِفُ في المسجدِ على جِذْعِ نَخلةٍ، ثمَّ صُنِعَ له المِنبرُ، فوقَفَ عليه للخُطبةِ، "وكان يَفصِلُ بينهما بجُلوسٍ"، أي: يجلِسُ يَسيرًا جِلْسةً خَفيفةً؛ ليَستريحَ بين الخُطبتَينِ وهو على المِنبرِ، تارِكًا للكلامِ في تِلك الجِلسةِ
والحِكمةُ من الوُقوفِ في الخُطبةِ؛ ليكونَ أبلَغَ في تَعليمِ النَّاسِ ووعْظِهم، ولِمَا في القِيامِ من إظهارِ قُوَّةِ الإسلامِ
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ الخُطبتَينِ للجُمُعةِ
وفيه: مَشروعيَّةُ القيامِ حالَ الخُطبةِ، وأنَّه لا يُجلَسُ فيها
وفيه: مَشروعيَّةُ الجُلوسِ بين الخُطبتَينِ، فلا يَصِلُ بينهما في قِيامٍ واحدٍ