باب: القافة 2
سنن النسائي
أخبرنا إسحق بن إبراهيم، قال: أنبأنا سفيان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، رضي الله عنها قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم مسرورا، فقال: " يا عائشة، ألم تري أن مجززا المدلجي دخل علي وعندي أسامة بن زيد، فرأى أسامة بن زيد وزيدا وعليهما قطيفة وقد غطيا رءوسهما وبدت أقدامهما فقال: هذه أقدام بعضها من بعض "
الوَلَدُ سِرُّ أبيه وأمِّه، وقد يكونُ في صفاتِه مَزيجٌ بين صِفاتِ والِدَيه الخَلْقِيَّةِ والخُلُقِيَّةِ، فسُبحانَ من أبدَعَ وصَوَّر
وفي هذا الحَديثِ تروي عائِشةُ رضِيَ اللهُ عنها أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دَخَلَ عليها البَيْتَ ذاتَ يومٍ مَسْرورًا تُضيءُ وَتَستَنيرُ أَساريرُ وَجْهِهِ، وَهي الخُطوطُ الَّتي في الجَبْهةِ، وهذا كنايةٌ عن شِدَّةِ فَرَحِه، فقال لها صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «ألَمْ تَرَيْ أنَّ مُجَزِّزًا» كان مشهورًا بالقيافةِ، وهي تَتَبُّعُ الآثارِ ومَعرِفَتُها ومعرفةُ شَبَهِ الرَّجُلِ بأخيه وأبيه «نَظَر آنِفًا»، أي: منذ قليلٍ «إلَى زَيْدِ بنِ حارِثةَ وَأُسامةَ بنِ زَيْدٍ» وقد كانا نائِمَينِ متجاوِرَينِ، ويُغَطِّيانِ وَجْهَيهما وتظهَرُ أقدامُهما، كما في روايةٍ في الصَّحيحينِ، فقالَ: «إنَّ هذه الأقدامَ بَعضُها مِن بَعضٍ؟!»، أي: لَكائِنةٌ مِن بَعضٍ، أو مَخلوقةٌ مِن بَعضٍ، وَسَبَبُ سُرورِهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ الجاهِليةَ كانَتْ تَقدَحُ في نَسَبِ أُسامةَ رضِيَ اللهُ عنه؛ لِكَونِه أَسْوَدَ شَديدَ السَّوادِ، ورث ذلك عن أُمِّه؛ فقدْ كانَتْ سَوداءَ، وَزَيْدٌ رضِيَ اللهُ عنه كان أبيَضَ مِن القُطْنِ، فَلَمَّا قال مُجَزِّزٌ ما قال مع اختِلافِ اللَّونِ سُرَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بذلك؛ لِكَونِه كافًّا لَهُم عَن الطَّعنِ فيهِ لاعتِقادِهِم ذلك
وفي الحَديثِ: حُبُّ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لِزَيْدِ بنِ حارِثةَ وابنِهِ أُسامةَ