إسلام أحد الزوجين وتخيير الولد 1
سنن النسائي
أخبرنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا سفيان، عن عثمان البتي، عن عبد الحميد بن سلمة الأنصاري، عن أبيه، عن جده: أنه أسلم وأبت امرأته أن تسلم، فجاء ابن لهما صغير لم يبلغ الحلم، فأجلس النبي صلى الله عليه وسلم الأب هاهنا والأم هاهنا ثم خيره، فقال: «اللهم اهده» فذهب إلى أبيه
في هذا الحَديثِ بيانٌ لكيفيَّةٍ مِن كيفيَّاتِ الفَصلِ بَينَ الزَّوجينِ المُفترقَينِ إذا حَصَل بينهما تنازُعٌ على حَضانةِ ما بينهما مِن ولدٍ، بما يَحفَظُ للصِّغارِ حقَّهم، ويكونُ سببًا في صلاحِ نَشأتِهم، وفيه يَحكي رافِعُ بنُ سِنَانٍ رضِيَ اللهُ عنه أنَّه أسلَمَ ورَفَضَت زوجَتُه أن تُسْلِم، فأتَتْ إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم شاكيةً، فقالت: ابنَتِي وهي فَطِيمٌ، أي: أتمَّتِ الرَّضاعَ حتَّى فُصِلتْ عنه، أو شَبَهَه، أي: أو ما يُقارِبُ هذه السِّنَّ. وقال رافِعٌ زَوجُها: ابنَتِي، أي: إنَّ كُلًّا منهما يريدُ البِنْتَ له، فقال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لرَافِعٍ: «اقْعُدْ ناحِيةً»، أي: أجْلَسَه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ في جنبٍ، وقال لزَوْجَتِه: «اقْعُدِي ناحيةً»، أي: وكذلك فَعَل النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم مع امرأتِه فأَقْعَدها في جَنبٍ، ثم أقْعَدَ الصَّبِيَّةَ بينهما، أي: أجْلَسَها في الوسطِ بين أبيها وأمِّها، ثم قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «ادْعُوَاها» أي: اطلباها ونادِيَا عليها لتختارَ أحدَكما؛ وذلك صِفةُ تَخييرِ الطِّفلِ بين أَبويه، فمَالَت الصَّبِيَّةُ إلى أُمِّها المُشْرِكَةِ، أي: أوشكتْ أنْ تَختارَ أمَّها، فدعا النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم للطفلةِ فقال: «اللَّهُمَّ اهْدِهَا»، أي: إلى الإسلامِ، فمَالتِ الصَّبِيَّةُ إلى أَبِيها، أي: فرجعَتِ البنتُ واختارتْ أباها، فأخَذَها أبُوها فهو أحَقُّ بها؛ لأنَّه مُسلِمٌ وأُمُّها كَافِرةٌ، ووجُودُها مع أبيها المسلمِ خَيْرٌ لها مِن وُجُودِها مع أُمِّها الكَافِرَةِ؛ ولذلك دعا لها النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالهِدَايةِ إلى اختِيارِ أبيها
وفي الحديثِ: بيانُ حِرْصِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم على هِدايةِ النَّاسِ إلى الإسلامِ