باب القتال في سبيل الله سبحانه وتعالى4
سنن ابن ماجه
حدثنا بشر بن آدم، وأحمد بن ثابت الجحدري، قالا: حدثنا صفوان ابن عيسى، حدثنا محمد بن عجلان، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من مجروح يجرح في سبيل الله - والله أعلم بمن يجرح في سبيله - إلا جاء يوم القيامة، وجرحه كهيئته يوم جرح، اللون لون دم، والريح ريح مسك"
الإخلاصُ في العمَلِ لوجهِ اللهِ شَرْطٌ لِقَبولِه، والشَّهادةُ في سَبيلِ اللهِ تعالى مِن أعظمِ المنازِلِ، وقد أعطى اللهُ للشُّهداءِ فضائل عظيمة، ومنها ما جاء في هذا الحديثِ، حيث يقولُ أبو هُريرةَ رَضِي اللهُ عنه: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "ما مِن مَجروحٍ يُجرَحُ في سبيلِ اللهِ"، وهذا يَشمَلُ الجُرحَ الَّذي يَبرَأُ، والجُرحَ الَّذي يُؤدِّي إلى الموتِ، "واللهُ أعلَمُ بمَنْ يُجرَحُ في سبيلِه"، وهي جملةٌ مُعترِضةٌ أشار بها النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى التَّنبيهِ على شَرطيَّةِ الإخلاصِ في نَيلِ هذا الثَّوابِ، ويَجوزُ أن يَكونَ تَتْميمًا للصِّيانةِ مِن الرِّياءِ والسُّمْعةِ، "إلَّا جاء" ذلك المَجْروحُ الَّذي جُرِح في سبيلِ اللهِ "يومَ القِيامةِ"، وهو يومُ بعْثِ العِبادِ مِن قُبورِهم للحِسابِ والجَزاءِ مِن الكريمِ الوهَّابِ، "وجُرحُه كهَيْئتِه يومَ جُرِح؛ اللَّونُ لونُ دمٍ"، أي: لونُ ذلك الخارِجِ مِن الجُرحِ لونُ دَمٍ؛ مِن كَونِه أحمَرَ، "والرِّيحُ ريحُ مِسكٍ"، أي: والرَّائحةُ الَّتي تَفوحُ مِن ذلك الجُرحِ والخارِجُ منه ريحُ مِسكٍ، وهذا يَكونُ شاهِدَ فضيلةٍ ببَذْلِ نفْسِه في طاعةِ اللهِ، ولا تتَغيَّرُ هيئتُه الَّتي مات عليها، ويكونُ ذلك إظهارًا لشرَفِه وكَرامتِه عندَ أهلِ الموقِفِ، بانتشارِ رائحةِ المِسكِ مِن جُرحِه.
وفي الحديثِ: بَيانُ بعضِ فَضائلِ الشَّهيدِ المُخلِصِ، ومَكانتِه عِندَ اللهِ تعالى.