باب القراءة في الظهر والعصر 1
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا زيد بن الحباب، حدثنا معاوية بن صالح، حدثنا ربيعة بن يزيد، عن قزعة، قال:
سألت أبا سعيد الخدري عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ليس لك في ذلك خير. قلت: بين رحمك الله. قال: كانت الصلاة تقام لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر، فيخرج أحدنا إلى البقيع، فيقضي حاجته، ويجيء فيتوضأ، فيجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الركعة الأولى من الظهر (1).
كان التَّابعونَ رحِمَهم اللهُ حَريصينَ على سُؤالِ صحابةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عمَّا أَشْكَلَ عليهم، وعن صِفَةِ أفعالِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وخاصَّةً في الصَّلاةِ،
وفي هذا الحديثِ يقولُ التَّابعيُّ قَزَعَةُ بنُ يحيى: "سأَلْتُ أبا سعيدٍ الخُدريِّ عن صلاةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"، أي: عن كَيفيَّةِ طُولِها وقِصَرِها، فقال له أبو سعيدٍ الخُدريُّ رضِيَ اللهُ عنه: "ليس لك في ذلك خيرٌ"، يُرِيدُ أنَّ العِلْمَ إنَّما يكونُ للعمَلِ، وإلَّا فإنَّه يَصيرُ حُجَّةً على الإنسانِ؛ قال قَزَعَةُ: "قُلْتُ: بيِّنْ رحِمَك اللهُ"، أي: أظْهِرْ كيفيَّتَها؛ لِنتعلَّمَها ونَعملَ بِها، فقال أبو سَعيدٍ رضِيَ اللهُ عنه: "كانت الصَّلاةُ تُقامُ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الظُّهْر"، أي: يُؤَذِّنُ المُؤذِّنُ لصلاةِ الظُّهرِ وتُقامُ الصَّلاةُ لأدائِها، "فيخرُجُ أحدُنا إلى البقيعِ"، أي: مع موعِدِ الإقامِة، والبقيعُ: مقابِرُ أهْلِ المدينةِ على الجِهَةِ الشَّرقيَّةِ مِن المسجِدِ النَّبويِّ، وكان في ناحيتِها وقتَئذٍ أماكنُ لقضاءِ الحاجةِ، "فيَقْضِي حاجَتَه" مِن البولِ والغائطِ، ويَتطهَّرُ، ويستَنْجِي بالماءِ أو يستطيبُ بالحِجارةِ، "فيَجِيءُ فيَتوضَّأُ"، أي: بعدَ قضاءِ الحاجةِ يأتي ويتوضَّأُ قُرْبَ المسجِدِ النَّبويِّ، "فيجِدُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الرَّكعةِ الأُولى مِن الظُّهرِ"، وفي هذا إشارةٌ إلى تَطويلِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الركعة الأُولى مِن صَلاةِ الظُّهرِ؛ ومِن الحِكمةِ في ذلك: أنْ يدرك الناسُ الركعة الأولى، وقد روَى أبو داود هذا المعنى عن أبي قَتادَة، قال: "فظنَنَّا أنَّه يُريدُ بذلك أنْ يُدرِكَ الناسُ الرَّكعةَ الأُولَى".