باب القناعة5

سنن ابن ماجه

باب القناعة5

حدثنا أبو بكر، حدثنا وكيع، وأبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله". قال أبو معاوية: "عليكم" (1)

حُبُّ المالِ وطَلَبُه والحِرصُ عليه: طَبيعةٌ في النُّفوسِ، والنَّفْسُ تَوَّاقةٌ لا تَشبَعُ مهْما جَمَعتْ مِن مالٍ، والإسلامُ دَعا إلى القَناعةِ وحَثَّ عليها، والقَناعةُ هي الرِّضا بما قَسَمَ اللهُ، وعَدَمُ التَّطلُّعِ لِمَا في أيْدي الآخَرينَ.
وفي هذا الحَديثِ يخبرُنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بطَريقةٍ عَمليَّةٍ في تَربيةِ المُسلِمِ لِنَفْسِه على التَّواضُعِ وأنْ يَفطِمَ نَفْسَه عن طَلَبِ الرِّفعةِ والعُلُوِّ في أُمورِ الدُّنيا الفانيةِ، والتَّعلُّقِ بشَهَواتِها وَزِينَتِها؛ فيُرشِدُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى أنَّه إذا امتدَّتْ عيْنُ المسلمِ عفْوًا وعن غيْرِ قصْدٍ إلى مَن يَفُوقه مالًا أو جِسمًا أو صُورةً، أو غيْرَ ذلك ممَّا يَتعَلَّقُ بزِينةِ الحياةِ الدُّنيا، وتَأثَّر بذلك نفْسيًّا؛ فلْيُوَجِّه بَصَرَهَ قصْدًا إلى مَن هو أقلُّ منه مالًا، وأدْنى جِسمًا وصُورةً مِن فُقَراءِ النَّاسِ وضُعفائهِم؛ حتَّى يَشعُرَ بالنِّعمةِ التي هو فيها، ويَشكُرَ اللهَ عليها، ويَحْيا مُتَواضِعًا لِلهِ، راغبًا فيما عِندَه مِن خَيرٍ.
وفي الحَديثِ: إرشادُ المسلمِ إلى أفضلِ الوسائلِ التي تُؤدِّي به إلى الشُّعورِ بالرِّضا.
وفيه: أنَّ في العملِ بهذا الحديثِ وِقايةً للإنسان مِن كثيرٍ مِن الأمراضِ القَلبيَّةِ؛ كالحسَدِ والحِقدِ، وغيْرِهما.