باب اللقمة إذا سقطت
سنن ابن ماجه
حدثنا علي بن المنذر، حدثنا محمد بن فضيل، حدثنا الأعمش، عن أبي سفيان
عن جابر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا وقعت اللقمة من يد أحدكم، فليمسح ما عليها من الأذى، وليأكلها"
حثَّ الشَّرعُ الحَكيمُ على احتِرامِ النِّعمِ وتقديرِها، كما حثَّ على شُكرِ المنَنِ والخيرِ الَّذي يُسخِّرُه سبحانه وتعالى للنَّاسِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضي اللهُ عنهما: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قال: "إذا وقَعَتِ اللُّقمةُ مِن يدِ أحدِكم، فلْيَمسَحْ ما عليها مِن الأذى، ولْيأكُلْها"؛ وهذا أمرٌ للحثِّ على أكْلِ اللُّقمةِ السَّاقطةِ بعدَ مسْحِ أيِّ أذًى يُصيبُها، هذا إذا لم تقَعْ على مَوضعٍ نجِسٍ أو قذرٍ، فإن وقَعَتْ على مَوضِعٍ نجسٍ تنجَّسَتْ وتقذَّرَتْ، ولا بدَّ مِن غَسْلِها إنْ أمكَن، فإنْ تعذَّر أطعَمها حيوانًا ولا يَترُكُها للشَّيطانِ، وقد أوضَحَتْ رِوايةٌ أُخرى في صحيح مسلِمٍ هذا المعنى، وفيها: "إنَّ الشَّيطانَ يَحضُرُ أحدَكم عند كلِّ شيءٍ مِن شأنِه، حتَّى يَحضُرَه عند طَعامِه، فإذا سقَطَتْ مِن أحدِكمُ اللُّقمةُ فلْيُمِطْ عنها الأذى؛ ثمَّ لْيأكُلْها، ولا يَدَعْها للشَّيطانِ، فإذا فَرَغ فليَلْعَقْ أصابعَه؛ فإنَّه لا يَدري في أيِّ طعامِه تكونُ البركَةُ"؛ وهذا مِن بابِ حِفظِ نِعَمِ اللهِ سبحانه، وشُكرِ مِننِه، وتقديرِ الخيرِ الَّذي يُسخِّرُه سبحانه وتعالى للنَّاسِ، والطَّعامُ مِن أعظَمِ هذه النِّعمِ؛ فبه حياةُ الإنسانِ وقوَّتُه، كما جعَل فيه لذَّتَه؛ ولذلك أُمر بالحمْدِ بعدَ تناوُلِه، والشُّكرِ على إحسانِه به.
يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [البقرة: 172]، ومِن شُكرِ نِعمةِ الطَّعامِ احتِرامُها وعدمُ إلقائِها، ورفُعها عن مواضِعِ الإهانةِ والقذارَةِ، وحِفظُها عن ما يُفسِدُها.
وفي الحديثِ: دَعوةٌ إلى الحِفاظِ على نِعَمِ اللهِ ونعمةِ الطَّعامِ والشَّرابِ.