باب المؤمن أمره خير كله
بطاقات دعوية
عن صهيب - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا المؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له. (م 8/ 227)
الصَّبرُ مِن الأخلاقِ الفاضِلةِ والخِصالِ النَّبيلةِ الَّتي أمَرَ اللهُ تعالَى بها، ورَغَّب فيها وبَيَّن فَضْلَها
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «عَجَبًا لِأمرِ المُؤمنِ»؛ فأَظهَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ العَجبَ على وَجهِ الاستحسانِ لشَأنِ المُؤمِنِ وأحوالِه؛ وذلك لأنَّ أحوالَ المؤمنِ كلَّها فيها خَيرٌ، وليْسَ ذَلك لأحدٍ إلَّا المؤمنُ، فكُلُّ إِنسانٍ في قَضاءِ اللهِ وقَدَرِه بينَ أَمرينِ: مُؤمنٍ وغَيرِ مُؤمنٍ، فالمؤمنُ إنْ أَصابتْه سَرَّاءُ مِن نِعمةٍ دِينيَّةٍ؛ كالعِلمِ والعَملِ الصَّالحِ، ونِعمةٍ دُنيويَّةٍ؛ كالمالِ والبَنينَ والأَهلِ، شَكَرَ اللهَ، فهو يَعرِفُ حقَّ اللهِ في تلكَ النِّعمةِ وما قُدِّرَ له منها، فيقومُ بالطَّاعةِ والعبادةِ والقُربِ مِن اللهِ عزَّ وجلَّ امتنانًا وشُكرًا له سُبحانه، فيَحصُلُ له الأجْرُ في الآخِرةِ، ويُضافُ لهذا الشُّكرِ فَرَحُه الَّذي يَشمَلُه بتلكَ النِّعمةِ، وكذلك فإنَّ المؤمنَ إذا أصابتْه الضَّراءُ مِن فَقرٍ، أو مَرَضٍ، أو بَلِيَّةٍ، أو ضَرَرٍ؛ صَبرَ عَلى أَقدارِ اللهِ، وانْتَظَر الفَرَجَ مِن اللهِ، واحْتَسبَ الأجْرَ عَلى اللهِ، ولَجَأَ إليه تعالَى في كَشْفِها، فكان الصَّبرُ خَيرًا له؛ لأنَّه يُثابُ على صَبرِه، ويَحُوزُ أجْرَ الصَّابِرينَ الَّذين يُوفَّونَ أُجورَهم بغيرِ حِسابٍ؛ فكان أمرُه كُلُّه خيرًا، فَكان ذلكَ خَيرًا له
فالإيمانُ بقَضاءِ اللهِ وقَدَرِه يَجعَلُ المؤمِنَ في رِضًا كامِلٍ على كُلِّ أَحوالِه، بخِلافِ غَيرِ المُؤمِنِ الَّذي يَكونُ في سَخَطٍ دائِمٍ عندَ وُقوعِ ضَررٍ عليه، وإذا ما حاز نِعمةً مِن اللهِ عزَّ وجلَّ انشَغَلَ بها عن طاعتِه، فضْلًا عن صَرفِها في مَعصيةٍ