باب: في قوله تعالى: {والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان}
بطاقات دعوية
عن عروة قال قالت لي عائشة - رضي الله عنها - يا ابن أختي (2) أمروا أن يستغفروا لأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فسبوهم. (م 8/ 241)
الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم أفضَلُ الأُمَّةِ، ويَنْبغي لكلِّ مُسلمٍ أنْ يكونَ سَليمَ الصَّدرِ مِن الشَّحناءِ والأهواءِ والبِدعِ الَّتي تَقْتضي الطَّعن فيهم وبُغضَهم، والحِقدَ عليهم، واعتقادَ تَكفيرِهم أو تَبديعِهم وتَضليلِهم؛ لِما لهم مِن فَضيلةِ صُحبةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والهجرةِ ونُصرةِ الدِّينِ، ثمَّ يَلي ذلك سَلامةُ القلبِ مِن الشَّحناءِ لعُمومِ المسْلِمين، وإرادةُ الخيرِ لهم، ونَصيحتُهم، وأنْ يُحِبَّ لهم ما يُحِبُّ لنَفسِه
وفي هذا الحديثِ تَقولُ عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها لعُروةَ بنِ الزُّبيرِ: «يا ابنَ أُختِي، أُمروا أنْ يَستَغْفِروا لأَصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ» كما في قَولِه تَعالَى: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} [الحشر: 11]، فَسَبُّوهم بدَلَ الاستغفارِ لهم! وتَقصِدُ عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ بعْضَ النَّاسِ الَّذين جاؤوا بعْدَ الصَّحابةِ رَضيَ اللهُ عنهم، جَعَل كلُّ فَريقٍ منهم يُعادي بعْضَ أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ويَذُمُّ فيهم ويُعادِيهم، وكان الواجبُ عليهم أنْ يُحِبُّوا أصحابَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأنْ يُعظِّمُوهم، ويَدْعُوا لهم بالمغفرةِ؛ فإنَّه يَحرُمُ عليهم أنْ يَسبُّوهم، فهِيَ تَتعجَّبُ رَضيَ اللهُ عنها مِن فِعلِهم، وهَذا عِندَما سَمِعَتْ أَهلَ مِصرَ يَذكُرون عُثمانَ بنَ عفَّانَ رَضيَ اللهُ عنه بالسُّوءِ والإنكارِ، وكذلك أهلُ الشَّامِ مع عَليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضيَ اللهُ عنه، وكذلك الخوارجُ مع الجَميعِ