باب المجن، ومن يتترس بترس صاحبه
بطاقات دعوية
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان أبو طلحة يترس مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بترس واحد، وكان أبو طلحة حسن الرمي، فكان إذا رمى، تشرف (46) النبي - صلى الله عليه وسلم -، فينظر إلى موضع نبله
الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هو الأُسوةُ الحَسَنةُ، والقُدوةُ الرائِعةُ، في عُلُوِّ الهِمَّةِ والشَّجاعةِ والإقدامِ، في السِّلمِ والحَربِ جَميعًا.
وفي هذا الحَديثِ يَحكي أنَسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَتتَرَّسُ -أي: يَتحَصَّنُ ويَحتَمي- هو وأبو طَلحةَ زَيدُ بنُ سَهلٍ الأنصاريُّ رَضيَ اللهُ عنه بتُرْسٍ أو ساتِرٍ واحِدٍ، وكان ذلك في يَومِ أُحُدٍ؛ وذلك لِأنَّ أبا طَلحةَ رَضيَ اللهُ عنه كان راميًا، فكان يَحتاجُ إلى مَن يُمسِكُ هذا السَّاتِرَ عِندَ رَميِه؛ لِأنَّه يَرمي بكِلتا يَدَيْه، فكانَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقومُ بذلك؛ خَوفَ أنْ يَرميَه العَدُوُّ، وهذا لِتَواضُعِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومُشارَكَتِه في الغَزوِ بنَفْسِه، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أشجَعَ النَّاسِ، وكان إذا اشتَدَّ القِتالُ احتَمَوْا به صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكان أبو طَلحةَ رَضيَ اللهُ عنه مِن أمهَرِ الرُّماةِ؛ ولذلك كان كُلَّما رَمى تشَرَّفَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إليه مِن فَوقِ السَّاتِرِ؛ لِيَنظُرَ مَوضِعَ نَبْلِه، أي: لِيَرى مَن أُصيبَ مِنَ العَدُوِّ نَتيجةَ رَمْيِ أبي طَلحةَ رَضيَ اللهُ عنه، و«تشَرَّفَ»، أي: تَحقَّقَ بنَظَرِه، وتطَلَّعَ إليه، حتى إنَّ أبا طَلحةَ رَضيَ اللهُ عنه قال لِلنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ -كما في الصَّحيحينِ-: «لا تُشرِفْ، يُصيبُكَ سَهمٌ مِن سِهامِ القَومِ، نَحْري دُونَ نَحْرِكَ».
وفي الحَديثِ: فَضلٌ ومَنقَبةٌ لِأبي طَلحةَ رَضيَ اللهُ عنه.
وفيه: الحَثُّ على تَعلُّمِ الرَّميِ وفُنونِ القِتالِ.