باب المحافظة على صلاة العصر 3
سنن ابن ماجه
حدثنا حفص بن عمرو، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي (ح)
وحدثنا يحيى بن حكيم، حدثنا يزيد بن هارون قالا: حدثنا محمد بن طلحة، عن زبيد، عن مرة
عن عبد الله، قال: حبس المشركون النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة العصر حتى غابت الشمس، فقال: "حبسونا عن صلاة الوسطى، ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا" (1).
وقَعَتْ غَزْوةُ الخَنْدَقِ في السَّنةِ الخامسةِ مِن الهِجرةِ؛ وقيل: إنَّها كانت في السَّنةِ الرَّابعةِ، وسُمِّيَتْ بذلك؛ لأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَر بحَفْرِ خَنْدَقٍ حَوْلَ المدينةِ لِتَحْصِينِها مِن أحزابِ الكُفْرِ الَّتي اجتَمَعَتْ بهدَفِ إبادةِ المسلمينَ، وقدْ شارَك المسلمون مِن المهاجِرينَ والأنصارِ في حَفْرِ الخَنْدقِ، وقدْ شغَلَ المشركون النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابَه رضِيَ اللهُ عنهم عن بعضِ الصَّلَواتِ.
وفي هذا الحَديثِ يروي عَلِيُّ بنُ أبي طَالِبٍ رَضِي اللهُ عنه أنَّ الصَّحابةَ رضِيَ اللهُ عنهم كانوا مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومَ الخَنْدَقِ -وهي غزوةُ الأَحْزَابِ- فقال: «مَلَأَ اللهُ قُبورَهم»، أي: الكُفَّارِ وهمْ أمواتٌ، «وبُيُوتَهم» وهمْ أحياءٌ نارًا؛ وذلك لأنَّهم كانوا سببًا في شغلِ المسلمين بقِتالِهم «عن صَلاةِ الوُسْطَى حتَّى غابَتِ الشَّمسُ. وهي صلاةُ العَصْرِ». وفي صَحيحِ مُسلِمٍ عن ابنِ مَسعودٍ: أنَّ المُشرِكين حَبَسوهم عن صلاةِ العَصْرِ حتى احمَرَّت الشَّمسُ أو اصفَرَّت، ومُقتضاه أنَّه لم يخرُجِ الوَقتُ، وجُمِع بينه وبين سابِقِه بأنَّ الحَبسَ انتهى إلى وقتِ الحُمرةِ أو الصُّفرةِ، ولم تَقَعِ الصَّلاةُ إلَّا بعد المغرِبِ.
وفي الحَديثِ: بيانُ أهمِّيَّةِ صلاةِ العَصرِ وأنَّها هي الصَّلاةُ الوُسطى.