باب المزارعة بالثلث والربع 1

سنن ابن ماجه

باب المزارعة بالثلث والربع 1

 حدثنا هناد بن السري، حدثنا أبو الأحوص، عن طارق بن عبد الرحمن، عن سعيد بن المسيب
عن رافع بن خديج، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المحاقلة والمزابنة.
وقال: إنما يزرع ثلاثة: رجل له أرض فهو يزرعها، ورجل منحأرضا فهو يزرع ما منح، ورجل استكرى أرضا بذهب أو فضة (1).

اهتمَّ الإسلامُ اهتمامًا بالغًا بحِفظِ أموالِ النَّاسِ، وحرَصَ حِرصًا شديدًا على عدَمِ ضَياعِها؛ ولذلك نَهَى عن بعضِ أنواعِ المعامَلاتِ؛ كتِلْك الَّتي يَكونُ ظاهرُها البيعَ وباطِنُها أكْلَ الأموالِ بالباطلِ، فقد كان بالجاهليَّةِ بُيوعٌ تَشتمِلُ على غَررٍ وجَهالةٍ، وربَّما تُضِرُّ بالبائعِ أو المشتري.
وفي هذا الحديثِ يقولُ رافِعُ بنُ خَديجٍ رَضِي اللهُ عَنه: "نهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم "عن المُحاقَلةِ" وهي بيعُ الحَبِّ في سَنابِلِه بحَبٍّ صافٍ، و"المُزابَنة" وهي بيعُ التَّمْرِ على رُؤوسِ النَّخْلِ بالتَّمْرِ الرُّطَبِ، أو ثِمارِ العنبِ وهي على الشَّجرِ بالزَّبيبِ، وقولُه: "إنَّما يُزْرَعُ ثلاثةٌ"، أي: يُرَخَّصُ في اسْتِعمالِ الأرضِ وزَرْعِها لثَلاثةٍ، الأوَّلُ: "رَجُلٌ له أرضٌ فهو يَزْرَعُها"، والثَّاني: "ورَجُلٌ مُنِحَ أرضًا فهو يَزْرَعُ ما مُنِحَ"، أي: أُعْطي أرضًا فهو يَزْرَعُها، والثَّالثُ: "ورَجُلٌ اسْتَكرى أرضًا بذَهَبٍ أو فِضَّةٍ"، أي: يأخُذُها بالأجرِ، ويكونُ أَجْرُ زِراعتِها بالذَّهبِ والفِضَّةِ لا بأَخْذِ نَصيبٍ من الثَّمَرِ، وكان كِراءُ الأرضِ زَمَنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يكونُ بأخذِ نصيبٍ مِنَ الثَّمَرِ أُجْرةً على الأرضِ، وذلك كلُّه نَهْيٌ عمَّا فيه غَررٌ وما فيه جَهالةٌ.