باب: المسلمون في ذمة الله عز وجل1

سنن ابن ماجه

باب: المسلمون في ذمة الله عز وجل1

حدثنا عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي، حدثنا أحمد بن خالد الوهبي، حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، عن عبد الواحد بن أبي عون، عن سعد بن إبراهيم، عن حابس اليماني
عن أبي بكر الصديق، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من صلى الصبح فهو في ذمة الله، فلا تخفروا الله في عهده، فمن قتله طلبه الله حتى يكبه في النار على وجهه" (3)

مِن أكمَلِ عَلاماتِ الإيمانِ المحافَظةُ على الفرائضِ، وقدْ جعَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ لمَن يُحافِظُ على هذِه الصَّلواتِ فضْلًا عَظيمًا.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أنَّ مَن صلَّى صَلاةَ الفَجرِ في جَماعةٍ -كما في رِوايةِ أبي نُعَيمٍ في المُستخرَجِ-، «فهو في ذِمَّةِ اللهِ»، أي: في أمانِه وضَمانتِه؛ وخَصَّ صَلاةَ الفَجرِ مِن بيْنِ سائرِ الصَّلَواتِ؛ لأنَّ فيها مَشَقَّةً، ولا يُواظِبُ عليها إلَّا خالِصُ الإيمانِ؛ فلذلك استَحقَّ الأمانَ وأنْ يكونَ في ذِمَّةِ اللهِ تعالَى وضَمانتِه وعَهْدِه.
ثُمَّ قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: «فلا يَطْلُبَنَّكُمُ اللهُ مِن ذمَّتِهِ بشَيءٍ، فيُدرِكَهُ، فيَكُبَّه في نارِ جَهنَّمَ»، والنَّهيُ هنا وقَعَ على ما يُوجِبُ المُطالبةَ في نَقضِ العَهدِ وإخْفارِ ذِمَّةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وكَلامُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم هنا يَحتمِلُ مَعنيَينِ؛ الأولُ: أنَّ مَن صلَّى الفَجْرَ فقدْ أخَذَ مِنَ اللهِ أمانًا؛ فلا يَنبغِي لأحدٍ أنْ يُؤذيَهُ أو يَظلِمَه، فمَن ظلَمه أو آذاهُ فإنَّ اللهَ يُطالِبُه بذمَّتِهِ، الثَّاني: لا تَترُكوا صَلاةَ الصُّبحِ، فيُنتَقَضَ بذلكَ العَهدُ الَّذي بيْنكُم وبيْنَ ربِّكُم فيَطْلُبَكم بهِ؛ فمَن فعَلَ ذلكَ يُدرِكُه اللهُ، ويَكبُّه في نارِ جهنَّمَ.
وفي الحَديثِ: الحثُّ على أداءِ الفجرِ.
وفيه: بيانُ عَظيمِ فضْلِ اللهِ تعالى، وواسعِ رَحمتِه على هذه الأُمَّةِ، حيث جَعَل على صَلاةِ الفجرِ الفضلَ العظيمَ.
وفيه: بيانُ انتقامِ اللهِ تعالَى ممَّن يَتعرَّضُ لعِبادِه الصَّالحين.
وفيه: بيانُ أنَّ اللهَ تعالَى لنْ يُعجِزَه شَيءٌ في الأرضِ ولا في السَّماءِ، ولنْ يَفوتَه أحدٌ أراد الانتقامَ منه.