باب المناقب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم2-2
سنن الترمذى
حدثنا محمد بن إسماعيل قال: حدثنا محمد بن سعيد قال: حدثنا شريك، عن سماك، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس، قال: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال بم أعرف أنك نبي؟ قال: «إن دعوت هذا العذق من هذه النخلة تشهد أني رسول الله؟» فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل ينزل من النخلة حتى سقط إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: «ارجع فعاد»، فأسلم الأعرابي: «هذا حديث حسن غريب صحيح»
أيَّدَ اللهُ تعالى نَبيَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بمُعجِزاتٍ وآياتٍ كَثيرةٍ تَدُلُّ على صِدقِ نُبوَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وقد كان بَعضُ الأعرابِ، وهمُ الذينَ يَسكُنونَ الباديةَ، يَطلُبُ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَعضَ المُعجِزاتِ التي تُبَيِّنُ صِدقَه حَتَّى يُسلِمَ، فيُريه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المُعجِزاتِ فيُسلِمُ، ومِن ذلك أنَّ أعرابيًّا جاءَ إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: بمَ أعرِفُ أنَّك نَبيٌّ؟ أي: ما العَلاماتُ والدَّلالاتُ التي تَجعَلُني أُصَدِّقُ أنَّك نَبيٌّ صادِقٌ؟ فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إن دَعَوتُ هذا العِذقَ مِن هذه النَّخلةِ -والعِذقُ هو عُرجونُ النَّخلةِ، بمَنزِلةِ العُنقودِ مِنَ العِنَبِ، والعُرجونُ هو غُصنُ النَّخلةِ الذي يَعوَجُّ ويُقطَعُ مِنه الشَّماريخُ، فيبقى على النَّخلِ يابِسًا، والشِّمراخُ ما يَكونُ فيه الرُّطَبُ- تَشهَدُ أنِّي رَسولُ اللهِ؟ أي: تَعرِفُ بأنِّي نَبيٌّ حينَ أدعو هذا العِذقَ مِنَ النَّخلةِ فتُؤمِنُ بي؟ والمَعنى: إن دَعَوتُ هذا العِذقَ مِن هذه النَّخلةِ وجاءَني نازِلًا مِنها فهَل تَشهَدُ بأنِّي نَبيٌّ؟ ثُمَّ إنَّ العِذقَ جَعَلَ يَنزِلُ مِنَ النَّخلةِ حَتَّى سَقَطَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أي: حَتَّى وقَعَ بَينَ يَدَيِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. ثُمَّ قال رَسولُ اللهِ للعِذقِ: ارجِعْ، أي: ارجِعْ إلى مَكانِك، فعادَ العِذقُ كما كان! فلَمَّا رَأى الأعرابيُّ هذه المُعجِزةَ أسلَمَ.
وفي الحَديثِ مَشروعيَّةُ سُؤالِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَمَّا يَدُلُّ على صِدقِ نُبوَّتِه.
وفيه بَيانُ مُعجِزةٍ مِن مُعجِزاتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم .