باب المهلة بالعمرة تحيض فيدركها الحج فتنقض عمرتها وتهل بالحج
حدثنا عبد الأعلى بن حماد حدثنا داود بن عبد الرحمن حدثنى عبد الله بن عثمان بن خثيم عن يوسف بن ماهك عن حفصة بنت عبد الرحمن بن أبى بكر عن أبيها أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لعبد الرحمن « يا عبد الرحمن أردف أختك عائشة فأعمرها من التنعيم فإذا هبطت بها من الأكمة فلتحرم فإنها عمرة متقبلة ».
( فيدركها الحج فتنقض عمرتها ) : وفي بعض النسخ فترفض عمرتها ( وتهل ) : تحرم ( بالحج ) : بعد رفضها ( هل تقضي عمرتها ) : التي أحرمت بها قبل إدراك الحج . فإن قلت : يفهم من ترجمة الباب أن عائشة كانت قد رفضت العمرة لأجل عذر الحيض ، فالعمرة التي أهلت بها من التنعيم قضاء عنها لأداء مرة أخرى ، قلت : نعم كذا يفهم من ترجمة الباب لكن فيه كلام ؛ لأن العمرة لا يصح رفضها ، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يسعك طوافك لحجك وعمرتك . وفي لفظ حللت منهما جميعا . فإن قيل قد ثبت في صحيح البخاري أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لها : ارفضي عمرتك ، وانقضي رأسك وامتشطي . وفي لفظ آخر دعي عمرتك وانقضي رأسك وامتشطي . وفي لفظ أهلي بالحج ودعي العمرة . فهذا صريح في رفضها من وجهين ، أحدهما قوله : ارفضيها ودعيها ، والثاني : أمره لها بالامتشاط . قيل : معنى قوله : ارفضيها ، أي اتركي أفعالها والاقتصار عليها ، وكوني في حجة معها ، ويتعين أن يكون هذا المراد بقوله : حللت منهما جميعا لما قضيت أعمال الحج . وقوله : يسعك طوافك لحجك وعمرتك فهذا صريح أن إحرام العمرة لم ترفض وإنما رفضت أعمالها والاقتصار عليها ، وأنها بقضاء حجتها انقضى حجتها وعمرتها ، ثم أعمرها من التنعيم تطييبا لقلبها إذ تأتي بعمرة مستقلة كصواحباتها
ويوضح ذلك إيضاحا بينا ما روى مسلم في صحيحه ، ولفظه قالت عائشة : " وخرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع فحضت ، فلم أزل حائضا حتى كان يوم عرفة ولم أهل إلا بعمرة ، فأمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أنقض رأسي وأمتشط ، وأهل بالحج وأترك العمرة ، قالت : ففعلت ذلك حتى إذا قضيت حجي بعث معي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الرحمن بن أبي بكر ، وأمرني أن أعتمر من التنعيم مكان عمرتي التي أدركني الحج ولم أحل منهما " فهذا حديث في غاية الصحة والصراحة أنها لم تكن أحلت من عمرتها ، وأنها بقيت محرمة بها حتى أدخلت عليها الحج ، فهذا خبرها عن نفسها وذلك قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لها كل منهما يوافق الآخر ، كذا في زاد المعاد
( أختك عائشة ) : بدل من أختك ( فإذا هبطت ) : من باب ضرب أي نزلت ( بها ) : أي عائشة ( من الأكمة ) : تل ، وقيل شرفة كالرابية ، وهو ما اجتمع من الحجارة في مكان واحد ، وربما غلظ ، وربما لم يغلظ ، والجمع أكم وأكمات مثل قصبة وقصب وقصبات ، وجمع الأكم آكام مثل جبل وجبال ، وجمع الآكام أكم بضمتين مثل كتاب وكتب وجمع الأكم آكام مثل عنق وأعناق كذا في المصباح
قال المنذري : قال أبو بكر أحمد بن عمرو البزار ولا يعلم روت حفصة عن أبيها إلا هذا الحديث ، هذا آخر كلامه . وقد أخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث عمرو بن أوس عن عبد الرحمن بن أبي بكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يعمر عائشة من التنعيم ، انتهى