باب النهي أن يقال ما شاء الله وشئت 1
سنن ابن ماجه
حدثنا هشام بن عمار، حدثنا عيسى بن يونس، حدثنا الأجلح الكندي، عن يزيد بن الأصم
عن ابن عباس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا حلف أحدكم فلا يقل: ما شاء الله وشئت. ولكن ليقل: ما شاء الله ثم شئت" (1).
الإسلامُ دِينُ التوحيدِ الخالِصِ للهِ تعالى، وقد نَهى عن كُلِّ مظاهِرِ الشِّركِ، ومِن ذلك النهيُ عن الحَلفِ بغير اللهِ، وإشْراكِ غَيرهِ في أمورِ المَشيئةِ.
وفي هذا الحَديثِ يقول النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «إذا حَلَفَ أحَدُكُمْ فَلا يَقُلْ: ما شاءَ اللهُ وَشِئْتَ»؛ لأنَّ الواوَ تُشْرِك المشيئَتينِ جَميعًا؛ وذلك أنَّ بَعضَ الصَّحابة كان مِن تَعظيمِهم للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّهُم يُشرِكونَه إذا ما حَلفُوا باللهِ تَعالى، فكانَ اليَهودُ يأخُذونَ ذلك عليهم، كما في رِواية النَّسائيِّ مِن حَديثِ قَتيلةَ رَضِي الله عنها، وفيه: "أنَّ يَهوديًّا أتَى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: إنَّكُم تُندِّدُون، وإنَّكُم تُشركِون، تَقولونَ: ما شاءَ اللهُ وشِئْتَ، وتَقولونَ: والْكعبةِ، فأَمرَهمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا أرادُوا أنْ يَحلِفوا أنْ يقولوا: ورَبِّ الكعبةِ، ويقولوا: ما شاءَ اللهُ ثَمَّ شِئْتَ".
وفي قولُه: «ولَكِنْ لِيَقُلْ ما شاءَ اللهُ ثُمَّ شِئْتَ» أجازَ دُخولَ «ثُمَّ»، مَكانَ الواوِ؛ لأَنَّ (ثُمَّ) تُفيدُ الترتيبَ مع التراخِي، وأمَّا الواو فهي لمُطلَقِ الجَمعِ؛ ومَشيئةُ اللهِ مُتقدِّمةٌ على مَشيئةِ خَلقِه؛ قَال تَعالى: {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الإنسان: 30]، فَأرشَدَهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى الأدَبِ في تَقدِيمِ مَشيئةِ اللهِ علَى مَشيئةِ مَن سِواه.
وفي الحديث: الحَثُّ عَلى غَلقِ كُلِّ بَابٍ يُؤدِّي إلى الشِّركِ وإِنْ صَغُرَ أَمرُه( ).