باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام وكيف يرد عليهم

بطاقات دعوية

باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام وكيف يرد عليهم

حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: دخل رهط من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: السام عليك ففهمتها، فقلت: عليكم السام واللعنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مهلا، يا عائشة فإن الله يحب الرفق في الأمر كله فقلت: يا رسول الله أو لم تسمع ما قالوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقد قلت: وعليكم

الرفق بالناس واللين معهم من جواهر عقود الأخلاق الإسلامية، وهي من صفات الكمال، والله سبحانه وتعالى رفيق، يحب من عباده الرفق
وفي هذا الحديث تخبر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن اليهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: «السام عليك»، يوهمون النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه أنهم يلقون عليهم تحية الإسلام، والحقيقة أنهم يدعون عليهم، والسام: الموت والهلكة، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم قد فطن لقولهم ورد عليهم وقال: «وعليكم»، ومعنى جوابه: وعليكم مثل ما قلتم من الدعاء.
وقد فطنت عائشة رضي الله عنها أيضا لقولهم، فقالت: «السام عليكم، ولعنكم الله وغضب عليكم»، فردت عليهم بمثل لفظهم وكلامهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مهلا يا عائشة، عليك بالرفق»، أي: تمهلي واصبري وترفقي في الأمر، «وإياك والعنف أو الفحش»، أي: يحذرها النبي صلى الله عليه وسلم من التعدي عليهم بمثل قولهم، والعنف: الشدة عند الأخذ والرد، ويقصد بالفحش: التعدي في القول والجواب، لا الفحش الذي هو من رديء الكلام، وفي رواية في الصحيحين: «إن الله يحب الرفق في الأمر كله»، أي: يحب أن يتصف عبده بلين الجانب والأخذ بالسهل؛ فلا يكون فظا ولا غليظا، فالرفق تتأتى به الأغراض، وتسهل به المقاصد ما لا تتأتى وتسهل بغيره، قالت عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم: «أولم تسمع ما قالوا؟!»، تنبه النبي صلى الله عليه وسلم لقولهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أولم تسمعي ما قلت؟» إشارة إلى قوله المتقدم: «وعليكم»، «رددت عليهم»، أي: هذا كان ردي عليهم، والفرق بين رده صلى الله عليه وسلم ورد عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم جزاهم على قدر فعلتهم دون أن يغلظ عليهم في القول، وأما عائشة رضي الله عنها فقد زادت في الدعاء عليهم، وتعدت وجعلت الغلظة هي السبيل في الرد، «فيستجاب لي فيهم، ولا يستجاب لهم في»؛ فأوضح النبي صلى الله عليه وسلم أن الله لا يستجيب لهم في المسلمين إذا دعا اليهود عليهم، وأنه يستجيب للمسلمين فيهم إذا دعوا على اليهود
وفي الحديث: بيان تحايل اليهود وتغييرهم في الكلام بما يوهم المعنى المقصود وعكسه
وفيه: مجازاة المعتدي بمثل اعتدائه في القول أو الفعل، ومعاملته بمثل حيلته