باب النهي عن الاستطابة بالروث

سنن النسائي

باب النهي عن الاستطابة بالروث

 أخبرنا يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا يحيى يعني بن سعيد عن محمد بن عجلان قال أخبرني القعقاع عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : إنما أنا لكم مثل الوالد أعلمكم إذا ذهب أحدكم إلى الخلاء فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ولا يستنج بيمينه وكان يأمر بثلاثة أحجار ونهى عن الروث والرمة 
قال الشيخ الألباني : حسن صحيح 

الكَعبةُ المشرَّفةُ هي قِبلةُ المسلِمين في الصَّلاةِ، ولها مِن القَداسةِ ما يَجعَلُها محَلَّ التَّقديرِ والاحترامِ في قلبِ كلِّ مسلمٍ، ومِن بابِ التَّوقيرِ لها تَخصيصُ جِهَتِها للصَّلاةِ والدُّعاءِ والذِّكرِ، وعدَمُ استقبالِها بما يُستقبَحُ مِن الأفعالِ
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لأصحابِه رَضِي اللهُ عَنهم: "إنَّما أنا لكم مِثلُ الوالِدِ أُعلِّمُكم"، وفي روايةٍ: "إنَّما أنا لكم بمنزلةِ الوالدِ أُعلِّمُكم"، أي: أعلِّمُكم كما يُعلِّمُ الرَّجلُ أولادَه أمورَ الحياةِ، والمرادُ هنا مِن التَّعليمِ: الجَمعُ بينَ ما يُفيدُهم في الدِّينِ والدُّنيا، "إذا ذهَب أحدُكم إلى الخَلاءِ"، أي: لِيَقضِيَ حاجتَه مِن بَولٍ أو غائطٍ، والخلاءُ: الفضاءُ والأماكنُ الواسعةُ الَّتي لا يُوجدُ بها أحَدٌ، والمرادُ بها هنا: أماكنُ قَضاءِ الحاجةِ، "فلا يَستقبِلِ القِبلةَ ولا يَستدبِرْها"، ببولٍ أو غائطٍ "ولا يَستَنْجِ بيَمينِه"، أي: ولا يُباشِرْ رفْعَ النَّجاسةِ والتَّطهيرَ بيَدِه اليُمنى، بل يَجعَلُ الاستنجاءَ بيَدِه اليُسرى
قال أبو هُريرةَ رَضِي اللهُ عَنه: "وكان يَأمُرُ"، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "بثلاثةِ أحجارٍ"، أي: ويكونُ الاستنجاءُ بثلاثةِ أحجارٍ، "ونَهَى عن الرَّوْثِ"، وهو فَضلاتُ الدَّوابِّ، "والرِّمَّةِ"، أي: العَظْمِ البالي، والمرادُ: مُطلَقُ العَظْمِ؛ فنَهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الاستنجاءِ بهما؛ لِمَا ثبَت في بعضِ الأحاديثِ أنَّهما طعامُ الجنِّ
وفي الحديثِ: إشارةٌ إلى حَثِّ الآباءِ على تَعليمِ الأبناءِ ما يَحْتاجون إليه مِن أمورِ الدِّينِ
وفيه: بِرُّ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم باتِّباعِ أوامِرِه؛ وذلك لِمَا في قولِه تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6]
وفيه: الحَثُّ على تَعظيمِ القِبلةِ، والنَّهيُ عن استِقبالِ القِبلةِ أو استدبارها ببولٍ أو غائِطٍ
وفيه: الحثُّ على احترامِ اليَدِ اليُمنَى، والنهيُ عن الاستِنجاءِ بها