باب النهي عن الدواء الخبيث2
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن أبي صالح عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من شرب سما، فقتل نفسه، فهو يتحساه في نار جهنم، خالدا مخلدا فيها أبدا" (1
حِفْظُ النَّفسِ مِن المَقاصدِ العُليا للشَّريعةِ الإسلاميَّةِ، وقَتلُ النَّفسِ بغيْرِ حَقٍّ مِن أكْبرِ الكَبائرِ، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حَريصًا على زَجْرِ المُسلمِ عنْ قَتلِ نَفسِه.
وفي هذا الحَديثِ يروي أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قالَ: «مَن تَردَّى مِن جَبلٍ»، أيْ: وقع من فَوقِه مُتعَمِّدًا فمات، فَهوَ في نارِ جَهنَّمَ يَتردَّى فيها خالِدًا مُخلَّدًا أبدًا؛ جزاءً وِفاقًا لعَمَلِه.
«وَمَن تَحسَّى» أيْ: تَجرَّع أو شرب «سُمًّا فَقتَلَ نَفسَه» أيْ: تَعمَّدَ ذَلكَ، فسُمُّه في يَدهِ يَتَعاطاهُ ويَتجرَّعُه في نارِ جَهنَّمَ خالِدًا مُخلَّدًا فيها أبدًا.
«ومَنْ قَتلَ نَفسَه بحَديدَةٍ» أيْ: طَعَنَ نَفْسَه بسِلاحٍ أو غَيرِه، فَحَديدَتُه في يَدِه يَطْعُنُ بها في بَطنِه في نارِ جَهنَّمَ خالدًا مُخلَّدًا فيها أبدًا.
وقولُه: «خالِدًا مُخلَّدًا فيها أبدًا» مَحْمولٌ على مَن فَعَل ذلِك مُستحِلًّا له مع عِلْمِه بالتَّحريمِ، أو على أنَّه يَعْني طُولَ المُدَّةِ والإقامةِ التي يُخلَّدُ فيها قاتلُ نفْسِه إنْ أُنفِذَ عليه الوعيدُ، ولا يَعنِي خُلودَ الدَّوامِ؛ إذ قَتْلُ النَّفسِ -دونَ استِحلالٍ لذلك- هو ذَنبٌ وكبيرةٌ مِنَ الكبائِرِ، وليس كُفرًا مُخرِجًا مِنَ المِلَّةِ.
وفي الحَديثِ: الوَعيدُ الشَّديدُ لِمَن قَتَلَ نَفْسَه.
وفيه: أنَّ نَفْسَ العَبدِ ليست مِلكًا له؛ فليس له أن يتصَرَّفَ فيها بغيرِ إذنِ مالِكِها سُبحانَه وتعالى.