باب النهي عن الدواء الخبيث1
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع، عن يونس بن أبي إسحاق، عن مجاهد
عن أبي هريرة، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الدواء الخبيث؛ يعني السم (2)
حثَّ الشَّرعُ الحكيمُ على التَّوكُّلِ على اللهِ سُبحانَه، وعَلَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أنَّ الأخْذَ بالأسبابِ لا يُنافي هذا التَّوكُّلَ، ومِن ذلك الأخذُ بأسبابِ التَّداوي المباحةِ، ونَبْذُ ما حرَّمَه الشَّرعُ الحكيمُ.
وفي هذا الحديثِ يَقولُ أبو هُريرةَ رَضِي اللهُ عنه: "نَهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم عَن الدَّواءِ الخَبيثِ"، قيل: الخبيثُ هو النَّجِسُ أو الحرامُ، أو ما يَنفِرُ عنه الطَّبعُ، وقولُه: "يَعْني السُّمَّ"، هذا تفسيرٌ لِمَعْنى الخبيثِ مِن أبي هُريرةَ أو مِمَّن دُونَه مِن رُواةِ الحديثِ، وقد قال العلماءُ: خُبثُ الدَّواءِ يَكونُ مِن وجهَينِ؛ أحَدُهما: خُبثُ النَّجاسةِ، وهو أن يَدخُلَه المحرَّمُ؛ كالخَمْرِ ونَحوِها مِن لُحومِ الحيَوانِ غيرِ مأكولِ اللَّحمِ، وقد يَصِفُ الأطِبَّاءُ بعضَ الأبوالِ وعَذِرَةَ بعضِ الحيَوانِ لِبَعضِ العِلَلِ، وهي كلُّها خَبيثةٌ نَجِسةٌ وتَناوُلُها مُحرَّمٌ، إلَّا ما خَصَّتِ السُّنَّةُ مِن أبوالِ الإبِلِ، وما يُقاسُ عليها من أبوالِ الحيوانِ مأكولِ اللَّحم، وكذلك رَوثُ الغَنم، وما يُقاسُ عليها من رَوثِ الحيوانِ مأكولِ اللَّحمِ، وقد رَخَّص في أبوالِ الإبلِ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لِنَفَرِ عُرَينةَ وعُكْلٍ، وأذِنَ في الصلاةِ في مرابضِ الغَنمِ، فقال: "صلُّوا فيها؛ فإنَّها بَرَكةٌ"، وسَبيلُ السُّننِ أن يُقِرَّ كلَّ شيءٍ مِنها في مَوضِعِه، وأن لا يَضرِبَ بعضَها ببعضٍ.
وفي الحديثِ: النَّهيُ عن التَّداوي بالخَبيثِ مِن نَجِسٍ ومُحرَّمٍ ونحوِهـما.