باب الكمأة والعجوة3
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن بشار، حدثنا أبو عبد الصمد، حدثنا مطر الوراق، عن شهر بن حوشب
عن أبي هريرة، قال: كنا نتحدث عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرنا الكمأة، فقالوا: هو جدري الأرض، فنمي الحديث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الكمأة من المن، والعجوة من الجنة، وهي شفاء من السم" (1)
كانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُرشِدُ أصْحابَهُ إلى ما فيه الخَيرُ ومَنفَعةٌ في دُنياهُم وآخِرتِهِم.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "العَجْوةُ مِنَ الجَنَّةِ" يعني: أنَّ أصْلَها مِنَ الجَنَّةِ؛ لأنَّ طَعامَ الجَنَّةِ يُزيلُ الأذَى والتَّعَبَ أو أنَّ لِطِيبِ طَعامِها وما فيها من مَنفَعةٍ كأنَّها من الجَنَّةِ، يُريدُ بذلِكَ المُبالَغةَ في الاختِصاصِ بالمَنفَعةِ والبَرَكةِ، والعَجْوةُ: أجوَدُ أنْواعِ التَّمْرِ، والمُرادُ بها هنا: إمَّا العَجْوةُ مُطلَقًا، أو عَجْوةُ المدينةِ خاصَّةً، "وفيها شِفاءٌ من السُّمِّ" تُعالِجُ السُّمَّ مُباشرةً أو تُعافي منه أو تُشارِكُ أدويةً أُخرى، فتكونُ دواءً للسُّمِّ، "والكَمْأةُ" نَوعٌ مِنَ النَّباتِ لا وَرقَ له ولا ساقَ، يَخرجُ في الأرضِ بِدونِ زَرعٍ، ويَكثُرُ في أيَّامِ الخِصبِ وكَثْرةِ المَطَرِ والرَّعدِ، ويُقالُ له أيضًا شَحمُ الأرضِ، وهو أصْلٌ مُستَديرٌ يَخرُجُ تحتَ الأرْضِ، "مِنَ المَنِّ"، وهو الَّذي أُنزِلَ على بَني إسرائيلَ الَّذي ذكرَهُ بقَولِهِ: {وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى} [البقرة: 57]، أو: أنَّ المَعْنى: أنَّها مِمَّا مَنَّ اللهُ تَعالى به على عِبادِهِ، "وماؤُها شِفاءٌ للعَينِ"؛ وذلك لأنَّ في مائِها المُستَخْلَصِ فائِدةً للعَينِ عِندَ شُربِهِ عُمومًا كما هو مُشتَهِرٌ في بَعضِ النَّباتاتِ، وإمَّا أنَّ ماءَها يَصلُحُ في الأدويةِ الَّتي تُعالَجُ بها العَينُ خاصَّةً( ).