باب ما جاء في الصيام وفضله 2

سنن ابن ماجه

باب ما جاء في الصيام وفضله 2

حدثنا محمد بن رمح المصري، أخبرنا الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سعيد بن أبي هند: أن مطرفا من بني عامر بن صعصعة حدثه
أن عثمان بن أبي العاص الثقفي دعا له بلبن يسقيه، فقال مطرف: إني صائم، فقال عثمان: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الصيام جنة من النار، كجنة أحدكم من القتال" (1).

للصِّيامِ فضلٌ عظيمٌ عندَ اللهِ تعالَى؛ وذلك أنَّ فيه مُراقَبةً خاصَّةً مِن العبدِ لربِّه، وفيه تَجويعٌ للنَّفْسِ ومَنعٌ لها مِن الشَّهَواتِ المباحةِ مِن أجْلِ اللهِ سبحانه؛ ولذلك خصَّه اللهُ بأنَّه يَجْزي به،

وفي هذا الحديثِ بيانٌ لبعضِ خصائصِ الصِّيامِ وفَضائلِه، حيث يُخبِرُ مُطَرِّفُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ الشِّخِّيرِ: "أنَّ عُثمانَ بنَ أبي العاصِ الثَّقَفيَّ دَعا له بلَبنٍ يَسْقيه"، أي: يُريدُ أن يَسقِيَ مُطرِّفًا لبَنًا، فقال له مُطرِّفٌ: "إنِّي صائمٌ"، أي: امتَنَع عن شُربِ اللَّبنِ لِصَومِه, فقال عُثمانُ: سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم يقولُ: "الصِّيامُ جُنَّةٌ مِن النَّارِ كجُنَّةِ أحَدِكم مِن القِتالِ"، أي: كالدِّرْعِ المانعِ مِن القِتلِ في القِتالِ، والجُنَّةُ الوِقايةُ والسَّترُ مِن النَّارِ وحِصْنٌ حَصينٌ مِنها في الآخِرةِ، ووِقايةٌ مِن الوُقوعِ في المنكَراتِ في الدُّنيا، وإنَّه يَقي صاحِبَه ما يُؤذيه مِن الشَّهواتِ؛ فيَنبَغي للصَّائمِ أن يَصونَ نفْسَه وصيامَه ممَّا يُفسِدُه ويَنقُصُ ثوابَه, مِن كلِّ المنكَراتِ والمعاصي، وإليه الإشارةُ بقولِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم فيما رَواه الشَّيخانِ: "قال اللهُ عزَّ وجلَّ: كلُّ عمَلِ ابنِ آدَمَ له إلَّا الصِّيامَ، فإنَّه لي، وأنا أَجْزي به، والصِّيامُ جُنَّةٌ، فإذا كان يومُ صومِ أحَدِكم فلا يَرفُثْ يومَئذٍ ولا يَصخَبْ، فإنْ سابَّه أحدٌ أو قاتَلَه فليَقُلْ إنِّي امرُؤٌ صائمٌ، والَّذي نفسُ محمَّدٍ بيدِه، لَخُلوفُ فَمِ الصَّائمِ أطيَبُ عندَ اللهِ يومَ القِيامةِ مِن رِيحِ المِسْكِ، وللصَّائمِ فَرحَتانِ يَفرَحُهما؛ إذا أفطَر فَرِح بفِطْرِه، وإذا لَقِي ربَّه فَرِح بصَومِه".
وفي الحديثِ: بيانُ فَضلِ الصِّيامِ، وأنَّه حِمايةٌ للصَّائمِ مِن الوقوعِ في المعاصي.