باب النهي عن بيع ما ليس عندك وعن ربح ما لم يضمن 2
سنن ابن ماجه
حدثنا أزهر بن مروان، حدثنا حماد بن زيد (ح)وحدثنا أبو كريب، حدثنا إسماعيل ابن علية، قالا: حدثنا أيوب، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه
عن جده، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل بيع ما ليس عندك، ولا ربح ما لم يضمن" (1).
اهتَمَّ الإسلامُ بتَنظيمِ المعاملاتِ التِّجاريَّةِ بين النَّاسِ؛ حِفاظًا على حُقوقِهم، وإقامةً للعَدْلِ بينهم.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ عبدُ اللهِ بنُ عمرِو بنِ العاصِ رَضِي اللهُ عَنهما: "نهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم عن سَلَفٍ وبَيْعٍ"، أي: لا بَيْعَ مع شَرْطٍ؛ وذلك بأنْ تَبيعَ سِلعةً، وتقولَ لِمَنِ اشتراها: بِعْتُكَ على أن تُسْلِفَني مبلغَ كذا، وقيل: هو أن تُقرِضَه ثمَّ تَبيعَ منه شيئًا بأكثرَ مِن ثَمنِه، وكِلا الصُّورتينِ يدخُلُ في الرِّبا؛ لأنَّه قَرْضٌ جَرَّ نفعًا، وقيل: يُقصَدُ به السَّلَمُ، ويكونُ المعنى أنْ يُسلَفَ شَخْصٌ، فيُقالَ له: إنْ لم يتوفَّرْ عندكَ سَدادُه، فهو بَيْعٌ عليكَ، "وعن شَرطينِ في بَيْعٍ واحدٍ"، مُثِّلَ له بصورٍ، وهي: أن يَبيعَ سِلعةً واحدةً بثمَنٍ مؤجَّلٍ، ثمَّ يَشتريَها بثمَنٍ آخرَ نقدًا، فإنْ أخَذَ الزَّائدَ في الثَّمنِ فقد وقَع في الرِّبا، وهذه الصُّورةُ هي بَيْعُ العِينةِ، والغَرَضُ منه أخذُ المالِ بزيادةٍ عن الثَّمَنِ الحقيقيِّ، وقيل: أن يُخيِّرَ صاحبُ السِّلعةِ مَن أراد أن يَشتريَها بين البيعِ نقدًا بثمَنٍ، وإلى أجلٍ بثمَنٍ آخَرَ، بأن يقولَ: بِعْتُكَ هذا الثَّوبَ بدِينارٍ نقدًا، وبدِينارينِ إلى أجلٍ، وقيل: أن يقولَ: بِعْتُك هذا الثَّوبَ وعلَيَّ خِياطتُه، وقِصَارتُه، فهنا اشتُرِطَ شَرطانِ، ولعلَّ أقرَبَهم لمعنى الحديثِ هو التَّعريفُ والصُّورةُ الأُولى، ويكونُ بمعنى بَيْعِ العِينةِ، "وعن بَيْعِ ما ليس عندكَ"، أي: بَيْعِ ما لا تَملِكُه، وهو غيرُ مَضمونٍ؛ كبَيعِ الجمَلِ الضَّائعِ، ونحوِ ذلك؛ لِمَا في ذلك مِن الجَهالةِ الظَّاهرةِ، "وعن رِبْحِ ما لم يُضمَنْ"، أي: بيعِ سِلعةٍ اشتَرَاها ولم يَقبِضْها، ولم تكُنْ بحوزتِه بعدُ؛ فلا يَبِعْ حتَّى تكونَ في ضَمانِه.
وفي الحديثِ: نَهيُ الإسلامِ عن الجَهالةِ في المُعامَلاتِ.
وفيه: حِفظُ الإسلامِ لحُقوقِ النَّاسِ.
وفيه: الحثُّ على تفقُّهِ التُّجَّارِ في الدِّينِ .