باب النهي عن منع فضل الماء ليمنع به الكلأ 1
سنن ابن ماجه
حدثنا هشام بن عمار، حدثنا سفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج
عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يمنع أحدكم فضل الماء، ليمنع به الكلأ" (2).
إزالةُ الضَّررِ مِنَ الأُصولِ الكُلِّيَّةِ في الشَّريعةِ الإسلاميَّةِ، وقد شَرَعَ الإسلامُ الشَّرائعَ، ووَضَعَ الضَّوابطَ التي تَحفَظُ الإنسانَ مِن أنْ يَلحَقَه ضَررٌ، أو يُلحِقَه بغَيرِه.
وفي هذا الحديثِ يَنْهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن إلْحاقِ الضَّررِ بالنَّاسِ بمَنْعِهم الماءَ الزَّائدَ عن الحاجةِ، فيقولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «لا يُمنعُ فضْلُ الماءِ لِيُمنَعَ به الكَلأُ»، والكَلَأُ هو العُشبُ يابِسُه ورَطْبِه، وصُورتُه: أنْ يَشُقَّ إنسانٌ بِئرًا في الأرضِ المَواتِ، ويكونَ حَولَ البئرِ أو قَريبًا منه عُشْبٌ ومَرْعًى، وليس هناك ماءٌ غيرُه، ولا يتُوصَّلَ إلى رَعْيِ العُشبِ إلَّا إذا كانتِ المَواشي تَرِدُ ذلك الماءَ، فيَمنَعَهم صاحبُ البئرِ مِنَ الماءِ قَصْدًا إلى مَنْعِهم مِن رَعْيِ العُشبِ، فنَهى صاحبَ الماءِ أنْ يَمنَعَ فضْلَ مَائِه، وكذلك ليس له بَيعُ زِيادةِ مَائِه؛ لأنَّه لو باعَ لَهم الماءَ الضَّروريَّ لرَعْيِهم، فكأنَّه باعَ لهم العُشْبَ والكَلأَ الَّذي لا يَملِكُه، كما في رِوايةِ مُسلمٍ: «لا يُباعُ فَضْلُ الماءِ...»، فلا يُمنَعُ ما زادَ مِن ماءِ السُّقْيا أنْ يَأخُذَ منه مَن ليس له ماءٌ؛ وذلك مِن أَجْلِ بَيعِه؛ لأنَّ فيه إضرارًا بالمسلمِينَ، والضَّررُ تَجِبُ إزالتُه.