باب الوضوء مما غيرت النار 1
سنن النسائي
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال أنبأنا إسماعيل وعبد الرزاق قالا حدثنا معمر عن الزهري عن عمر بن عبد العزيز عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : توضؤوا مما مست النار
قال الشيخ الألباني : صحيح
جاءَت أحكامُ الإسلامِ للأُمَّةِ بما يَتَناسَبُ معها، فتَدرَّجَ الشَّرعُ مع النَّاسِ في بَعضِ الأحكامِ، وكانت هذه مِنَ الحِكَمِ مِنَ النَّسخِ، والنَّسخُ: إزالةُ ما استقرَّ مِنَ الحُكمِ الشَّرعيِّ بخِطابٍ آخَرَ منَ اللهِ أو رَسولِه لَولاه لَكانَ الحُكمُ السَّابِقُ ثابتًا
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه تَوضَّأ َذاتَ مَرَّةٍ بعدَ أن أكَلَ أثوارَ أقِطٍ؛ لأنَّه سَمِعَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقولُ: «تَوضَّؤُوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ»، والأثوَارُ: جمعُ ثَورٍ، وهو القِطعةُ مِنَ الأقِطِ، والأقِطُ: يُتَّخَذُ مِنَ اللَّبَنِ المَخيضِ يُطبَخُ، ثُمَّ يُترَكُ، والمَخيضُ هو اللَّبَنُ المُستَخرَجُ زُبدُه بِوَضعِ الماءِ فيه وتَحريكِه، فالأقِطُ هو اللَّبَنُ المُتحجِّرُ المُجفَّفُ، وهو ممَّا مسَّته النَّارُ فأُنضِجَ بها
والأمرُ بالوُضوءِ ممَّا مَسَّتِ النَّارُ مَنسوخٌ؛ لِما أخرَجَه أبو داودَ عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما: «كانَ آخِرُ الأمرَين من رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَرْكَ الوُضوءِ مِمَّا مَسَّتِ النارُ»، وفي الصَّحيحَينِ من حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه «أكَلَ عَرْقًا، أوْ لَحْمًا، ثُمَّ صَلَّى ولَمْ يَتَوَضَّأْ، ولَمْ يَمَسَّ مَاءً»
وفي الحديثِ: أنَّه يَنبغي للعالِمِ أن يُبيِّنَ سَبَبَ فِعلِه للنَّاسِ، إذا كانَ مَظِنَّةَ إنكارِ النَّاسِ له