باب بر الوالد، والإحسان إلى البنات3
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن بشر، عن مسعر، أخبرني سعد بن إبراهيم، عن الحسن عن صعصعة عم الأحنف، قال: دخلت على عائشة امرأة معها ابنتان لها، فأعطتها ثلاث تمرات، فأعطت كل واحدة منهما تمرة، ثم صدعت الباقية بينهما، قالت: فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فحدثته، فقال: "ما أعجبك؟ لقد دخلت به الجنة" (1)
مُلاطَفةُ الأبناءِ والرَّحمةُ بِهِم وإيثارُهم على النَّفسِ، مِن أَسبابِ دُخولِ الجنَّةِ والنَّجاةِ مِن النَّارِ.
وفي هذا الحديثِ تُخبِرُ عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّها جاءتْها امرأةٌ فَقيرَةٌ مُحتاجَةٌ، تَحمِلُ ابنتَين لها تَسأَلُها شيئًا مِن الصَّدَقةِ، كما في رِوايةٍ أُخرى في الصَّحيحينِ، فأعْطَتْها عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها ثلاثَ تَمَراتٍ، فأعطَتِ المرأةُ كلَّ واحدةٍ مِن بَناتِها تَمرةً، ثمَّ رفعَتِ الثَّالثَةَ إلى فَمِها؛ لتأكُلَها، فطَلَبَت ابنَتاها التَّمرَةَ الثَّالِثَةَ، فقَسَمَت المرأةُ التَّمرَةَ الَّتي كانتْ تُريدُ أنْ تَأكُلَها بينَهما، فأُعجِبَتْ عائشَةُ رَضيَ اللهُ عنها بفِعلِ المَرأةِ وإيثارِها ابنتَيها على نَفسِها، فلمَّا انصَرَفت المرأةُ وجاء النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ذَكَرتْ له عائِشَةُ رَضيَ اللهُ عنها فِعلَ المَرأةِ، فأخبَرَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ جَزى تلكَ المرأةَ الجنَّةَ، أو أنَّه تَعالَى لم يُدخِلْها النَّارَ؛ بحُسنِ صَنيعِها وشَفقتِها على ابنتَيها، وإيثارِها لهما، وفي رِوايةٍ أُخرى في الصَّحيحينِ: فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «مَن ابتُلِيَ مِن البناتِ بشَيءٍ، فأحسَنَ إليهنَّ، كُنَّ له سِترًا مِن النَّارِ».
وفي الحديثِ: أنَّ القليلَ لا يُمتنَعُ التَّصدُّقُ به لِحقارتِه، بلْ يَنْبغي للمُتصدِّقِ أنْ يَتصدَّقَ بما تَيسَّرَ له قلَّ أو كَثُر.