باب الأرض يطهر بعضها بعضا 3
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا شريك، عن عبد الله بن عيسى، عن موسى بن عبد الله بن يزيدعن امرأة من بني عبد الأشهل، قالت: سألت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: إن بيني وبين المسجد طريقا قذرة، قال: "فبعدها طريق أنظف منها؟ " قلت: نعم. قال: "فهذه بهذه" (1).
طَهارَةُ البدَنِ، والثَّوبِ، والمكانِ من شروطِ صِحَّةِ الصَّلاةِ، وقد علَّمنا النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أمورَ الطَّهارةِ وأَرشدَنا إلى كلِّ ما يُتطهَّرُ به.
وفي هذا الحَديثِ تقولُ امرأةٌ من بَني عبدِ الأشْهَلِ: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنَّ لنا طريقًا إلى المسجد "مُنْتِنةً"، أي: مُستقذَرَةً ومتنجِّسَةً، "فكيف نفعَلُ إذا مُطِرْنا؟"، أي: إذا نزَلَ المطَرُ وابتلَّتِ الأرضُ تظهَرُ الرَّائحَةُ الكَريهَةُ ويظهَرُ النَّتْنُ، فإذا مرَرْنا عليها تَتنَجَّسُ الأرجُلُ وذيْلُ الثَّوبِ؛ وهو ما طالَ منه، فكيف نُطهِّرُ ذلك، أو ماذا نفعَلُ؟ "قال" رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "أليس بعْدَها"، أي: بعْدَ الطَّريقِ المنتِنَةِ، "طَريقٌ هي"، أي: طريقٌ ثانيَةٌ، "أطيَبُ منها؟"، أي: أطهَرُ من الطَّريقِ الأُولى، "قالت" المرأةُ: "قلتُ: بَلى"، أي: نعم بعْدَها طريقٌ أطيَبُ منها، "قال" رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "فهذه"، أي: الطَّريقُ الثَّانيةُ، "بهذهِ"، يعني أنَّها تكونُ بدَلَ الطَّريقِ الأولى؛ فإنَّه إذا مَشى على الطَّريقِ الثَّانيَةِ زالَ ما بالأرجُلِ والذُّيولِ وكلُّ ما تعَلَّقَ بهِ من النَّجاسَةِ والنَّتَنِ بالمشيِ على الطَّريقِ الأولى، وحصَلَ له الطَّهارَةُ بذلك؛ لأنَّ بعضَها يُطهِّرُ بعضًا.