باب: بيان نقصان الإيمان بنقص الطاعات
بطاقات دعوية
حديث أبي سعيد الخدري قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى أو فطر إلى المصلى فمر على النساء فقال: يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار فقلن: وبم يا رسول الله قال: تكثرن اللعن وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله قال: أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان دينها
الزكاة المفروضة وكذا صدقة التطوع، كلاهما باب عظيم من أبواب النجاة في الدنيا والآخرة، فإذا كثرت مساوي العبد وآثامه، فليطهر نفسه بالصدقات راجيا من الله عز وجل الخير والبركة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحث كثيرا على الصدقة ويبين فضلها، ومن أحق الناس بها
كما في هذا الحديث، حيث يحكي أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في صلاة عيد الأضحى أو عيد الفطر إلى المصلى كما هي السنة في صلاة العيد، والمصلى المكان الفضاء الواسع، وكان مصلى النبي صلى الله عليه وسلم في موضع معروف بالمدينة بينه وبين باب المسجد ألف ذراع، فلما انتهى صلى الله عليه وسلم من صلاة العيد، توجه إلى الحاضرين ووعظ الناس بما فيه صلاح دينهم ودنياهم وآخرتهم، والوعظ يكون خطبة خفيفة وليست طويلة، ومن ضمن ما وعظهم به أنه أمرهم بالصدقة، ثم جاء إلى النساء في مصلاهن حيث يكن معزولات عن الرجال، وربما لا يسمعن الوعظ جيدا، أو ربما جاءهن ليزيد في وعظهن، فوعظهن وذكرهن الجنة والنار، وقال: يا معشر النساء، والمعشر: كل جماعة أمرهم واحد. فأمرهم صلى الله عليه وسلم بالصدقة، وعلل هذا الأمر بكونه صلى الله عليه وسلم رأى -في رحلة المعراج أو غيرها- أكثر أهل النار من النساء، فيكون أمره لهن بالصدقة؛ لأنها تزيد في الحسنات وتطفئ غضب الرب، فأرشدهن إلى ما يخلصهن من النار، وهو الصدقة مطلقا، لعل الله يرحمهن بسبب الصدقات، فسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سبب كونهن أكثر أهل النار، فبين صلى الله عليه وسلم أن ذلك بسبب إكثارهن اللعن، وهو السب والشتم، أو الدعاء بالإبعاد والطرد من رحمة الله، والسبب الثاني: أنهن يكفرن العشير، والمراد بالعشير الزوج، وكفر العشير معناه: نكران إحسان الزوج، وعدم الاعتراف به، وجحده، حتى إن الواحدة منهن تقول لزوجها: ما رأيت منك خيرا قط، إذا رأت منه ما لا يعجبها ولو كان شيئا يسيرا وقد أحسن إليها الدهر كله، فتجحده فضله وإحسانه كله لشيء يسير أغضبها! وهذا الكلام يحمل في طياته تحذيرا لهن من اللعن والشتم باللسان، وتحذيرا من كفران عشرة الأزواج ونيسان فضلهم عليهن
ثم وصفهن صلى الله عليه وسلم بأنهن ناقصات عقل ودين، وأنهن أذهب للب الرجل الحازم، واللب: العقل الخالص من الشوائب، فهو خالص ما في الإنسان من قواه، والحازم: الضابط لأمره، وهذا على سبيل المبالغة في وصفهن بذلك؛ لأنه إذا كان الضابط لأمره ينقاد لهن فغيره أولى؛ فهن إذا أردن شيئا غالبن الرجال عليه حتى يفعلوه، سواء كان صوابا أو خطأ!
وفي رواية البخاري جاء تفسير نقصان العقل والدين: «قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟ قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟ قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان دينها». وليس المراد بذكر نقص العقل والدين في النساء لومهن عليه؛ لأنه من أصل الخلقة، لكن التنبيه على ذلك تحذيرا من الافتتان بهن
ثم انصرف صلى الله عليه وسلم إلى منزله، فجاءته زينب زوج عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما تستأذن في الدخول عليه صلى الله عليه وسلم، وكان المبلغ هو بلال بن رباح رضي الله عنه، فأذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن عرفها، فعرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما دار بينها وبين زوجها عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لما أرادت أن تتصدق من حليها، فبين لها ابن مسعود رضي الله عنه أنه وأبناءها أحق من تصدقت عليهم بهذا الحلي، فأقر رسول الله صلى الله عليه وسلم كلام ابن مسعود، وأكد صلى الله عليه وسلم أن زوجها الفقير وابنها أحق بصدقتها، وفي رواية الصحيحين من حديث زينب امرأة ابن مسعود رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «نعم، لها أجران: أجر القرابة، وأجر الصدقة»
وفي الحديث: ذم اللعن وكفران العشرة بين الأزواج
وفيه: إطلاق الكفر على الذنوب التي لا تخرج عن الملة تغليظا على فاعلها
وفيه: الإغلاظ في النصح بما يكون سببا لإزالة الصفة التي تعاب
وفيه: الحث على الصدقة، لا سيما على الأقارب، وأنها تدفع العذاب
وفيه: مراجعة المتعلم لمعلمه، والتابع لمتبوعه فيما لا يظهر له معناه
وفيه: ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الخلق العظيم، والصفح الجميل، والرفق والرأفة