باب بيان وجوه الإحرام وأنه يجوز إفراد الحج والتمتع والقران وجواز إدخال الحج على العمرة، ومتى يحل القارن من نسكه

بطاقات دعوية

باب بيان وجوه الإحرام وأنه يجوز إفراد الحج والتمتع والقران وجواز إدخال الحج على العمرة، ومتى يحل القارن من نسكه

حديث عائشة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم  في حجة الوداع، فأهللنا بعمرة، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: من كان معه هدى فليهل بالحج مع العمرة، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا فقدمت مكة وأنا حائض، ولم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة، فشكوت ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: انقضى رأسك، وامتشطى وأهلى بالحج ودعي العمرة ففعلت فلما قضينا الحج أرسلني النبي صلى الله عليه وسلم مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم، فاعتمرت فقال: هذه مكان عمرتك قالت: فطاف الذين كانوا أهلوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة، ثم حلوا، ثم طافوا طوافا واحدا بعد أن رجعوا من منى وأما الذين جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا

أنساك الحج ثلاثة: التمتع؛ وهو أن يحرم الحاج بالعمرة في أشهر الحج -وهي شوال وذو القعدة، وذو الحجة- ثم يحل منها، ثم يحرم بالحج من عامه. والقران؛ وهو أن يحرم الحاج بالحج والعمرة معا. والإفراد؛ وهو أن يحرم الحاج بالحج فقط
وفي هذا الحديث تحدثنا عائشة رضي الله عنها عن حجة الوداع، وهي الحجة التي حجها النبي صلى الله عليه وسلم، وسميت بذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان كالمودع لهم في خطب الحج، ولم يلبث كثيرا بعده، وكانت في السنة العاشرة من الهجرة، فتخبر رضي الله عنها أنهم خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فأهلوا بعمرة، والمراد بالإهلال هنا: قصد النية في الإحرام، وهو في الأصل رفع الصوت بالتلبية، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة»، أي: فليجمع بين حجه وعمرته في إحرام واحد -والهدي اسم لما يهدى ويذبح في الحرم من الإبل والبقر والغنم والمعز-؛ لأنه لا يجوز لمن ساق الهدي أن يتحلل حتى ينحر هديه بعد تمام النسك يوم النحر
وتحكي عائشة رضي الله عنها أنها جاءت إلى مكة وهي حائض ومنعها من أداء مناسك العمرة؛ لأن الحائض لا تطوف بالكعبة، فأخبرت بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فأمرها بأن تنقض شعرها وتغسله وتسرحه، وتجعله ضفائر، وأمرها بأن تدع عمل العمرة وتدخل عليها الحج، فتكون قارنة، ثم لما قضت الحج وتحللت منه أرسلها صلى الله عليه وسلم مع أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهم، فخرجت إلى التنعيم، وهو موضع على طريق المدينة، على بعد (7 كم) من الحرم الشريف، وهو خارج الحرم، فأهلت بعمرة؛ تطييبا لنفسها؛ ليحصل لها عمرة منفردة مستقلة، كما حصل لسائر أمهات المؤمنين، وإنما أحرمت من التنعيم؛ لأنه أول الحل، ولا يتعين، وإنما يجب الإحرام من الحل من أي جهة أو موضع كان
ثم أخبرت رضي الله عنها أنه قد طاف الذين كانوا أهلوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة من أجل العمرة، ثم حلوا منها بالحلق أو التقصير، ثم طافوا طوافا آخر للحج بعد أن رجعوا من منى، وأما الذين جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا؛ لأن القارن يكفيه طواف واحد وسعي واحد؛ لأن أفعال العمرة تندرج في أفعال الحج
وفي الحديث: مشروعية التمتع والقران في الحج
وفيه: اشتراط الطهارة في الطواف حول الكعبة
وفيه: أن المرأة تخرج في السفر مع أحد محارمها
وفيه: الرفق في معاملة النساء وتطييب خواطرهن
وفيه: الإحرام بالعمرة من التنعيم لمن كان داخل الحرم