باب تحريم الرضاعة من ماء الفحل
بطاقات دعوية
عن عائشة - رضي الله عنها - قالت جاء عمي من الرضاعة يستأذن علي فأبيت أن آذن له حتى أستأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت إن عمي من الرضاعة استأذن علي فأبيت أن آذن له فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فليلج عليك عمك قلت إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل قال إنه عمك فليلج عليك. (م 4/ 163
للرَّضاعِ أحكامٌ كَثيرةٌ في الإسلامِ، وقدْ جاءَتْ بَعضُ أحكامِه في كتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وبيَّن النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعْضَها الآخَرَ في أحاديثَ كثيرةٍ، ومنها قاعدةٌ عامَّةٌ أنَّ الرَّضَاعَةَ تُحرِّم ما يُحرِّمُه النَّسَبُ.
وفي هذا الحديثِ تَحكي عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّه جاءَها عَمُّها مِنَ الرَّضَاعةِ، واسمُه أفلحُ، فاسْتأذَنَ؛ لِيَدخُلَ عليها، فرفَضَتْ، حتَّى تَسْألَ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَن جَوازِ ذلك، فسَألَتِ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالَ لها: إنَّه عمُّكِ مِنَ الرَّضاعةِ، فأْذنِي له، فقالتْ له: إنَّما أَرْضَعتْنِي المرأةُ، ولم يُرْضِعنِي الرَّجُلُ، وذلك أنَّها ارتضَعَتْ مِنَ امرأةِ أبي القُعَيْسِ، وأفْلَحُ أخو أبي القُعَيْسِ، فظنَّتْ عائشةُ رضِي اللهُ عنها أنَّه بذلك لا يَصيرُ عمَّها مِنَ الرَّضاعةِ، فأكَّدَ لها صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه عمُّها مِنَ الرَّضاعةِ، وقال لها: «فَلْيَلِجْ عليكِ» يعني: فلْيَدخُل عليكِ، وكان ذلك بعْدَ أنْ فُرِضَ الحجابُ.
ثم قالت عائِشةُ رَضِيَ اللهُ عنها: «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضاعَةِ ما يَحْرُمُ مِنَ الوِلادَةِ»، أي: إنَّ إرضاعَ المرأةِ طِفلًا غيرَ وَلَدِها تَترتَّبُ عليه أحكامٌ شَرعيَّةٌ؛ فكلُّ ما ورَدَ تَحريمُه مِن النَّسَبِ فإنَّه يَحرُمُ مِن الرَّضاعِ أيضًا، فإذا كان العَمُّ من النَّسَبِ يحرُمُ على المرأةِ، فإنَّ العَمَّ من الرَّضاعِ يحرُمُ أيضًا.
وفي الحَديثِ: بيانُ تحَرِّي المؤمنِ فيما لم يظهَرْ له حُكمُه الشَّرعيُّ حتى يَعرِفَه.