باب تحريم الصيد للمحرم
بطاقات دعوية
حديث أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حاجا، فخرجوا معه، فصرف طائفة منهم، فيهم أبو قتادة؛ فقال: خذوا ساحل البحر حتى نلتقي فأخذوا ساحل البحر، فلما انصرفوا أحرموا كلهم، إلا أبو قتادة لم يحرم؛ فبينما هم يسيرون إذ رأوا حمر وحش، فحمل أبو قتادة على الحمر فعقر منها أتانا، فنزلوا فأكلوا من لحمها، وقالوا: أنأكل لحم صيد ونحن محرمون فحملنا ما بقي من لحم الأتان، فلما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: يا رسول الله إنا كنا أحرمنا، وقد كان أبو قتادة لم يحرم، فرأينا حمر وحش، فحمل عليها أبو قتادة، فعقر منها أتانا، فنزلنا فأكلنا من لحمها، ثم قلنا: أنأكل لحم صيد ونحن محرمون فحملنا ما بقي من لحمها، قال: منكم أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها قالوا: لا قال: فكلوا ما بقي من لحمها
هناك أحكام وآداب يجب على المحرم الالتزام بها؛ حتى تتم عبادته على الوجه الأكمل وفق مراد الله عز وجل، ومن هذه الأحكام تحريم صيد البر حال الإحرام؛ قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم} [المائدة: 95]
وفي هذا الحديث يخبر عبد الله بن أبي قتادة، أن أباه أبا قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري رضي الله عنه خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عام الحديبية العام السادس من الهجرة يريدون العمرة، والحديبية: قرية كبيرة على القرب من مكة مما يلي المدينة، سميت ببئر هناك، والآن هي واد بينه وبين مكة (22 كم) على طريق جدة
فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عدوا من المشركين يريد أن يغزوه، أرسل النبي صلى الله عليه وسلم أبا قتادة في طائفة من الصحابة رضي الله عنهم؛ ليستطلع أمر هذا العدو.
وقد كان أصحابه محرمين للعمرة، ولم يحرم أبو قتادة؛ لأنهم كانوا ينتظرون عدوا، فيخشى أن يحتاج إلى القتال، فإذا كان محرما منعه ذلك بعض الشيء، فرآهم يضحكون، فنظر فرأى حمارا وحشيا؛ وإنما كان ضحكهم تعجبا من ظهور الصيد لهم، مع عدم تعرضهم له، ولم يكن ضحكهم على سبيل الإشارة منهم لأبي قتادة على الصيد. فلما أبصره أبو قتادة رضي الله عنه، ركب فرسه طالبا هذا الصيد، واستعان بأصحابه في بعض أمره، فرفضوا إعانته؛ لأنهم كانوا يعلمون عدم جواز الصيد حال الإحرام
ثم أخبر أبو قتادة رضي الله عنه أنه هجم على الحمار الوحشي، فطعنه وجعله ثابتا في مكانه لا يتحرك، وطلب منهم إعانته في حمله فرفضوا، ثم شاركوه في الأكل منه، وبعد أكلهم شكوا في جواز الأكل منه؛ لكونهم محرمين، وإن لم يشاركوا في الاصطياد، فأرادوا أن يسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن حكم الأكل منه. وقوله: «وخشينا أن نقتطع»، أي: نصير مقطوعين عن النبي صلى الله عليه وسلم، منفصلين عنه؛ لكونه سبقهم، فانطلق أبو قتادة رضي الله عنه يبحث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو يجري بفرسه أحيانا، ويسير به أحيانا، فلقي رجلا من بني غفار، فسأله عن مكان النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم في تعهن، وهي عين ماء على ثلاثة أميال من السقيا بطريق مكة، وأخبره أنه عازم على أن تكون قيلولته في مكان اسمه السقيا، وهي قرية جامعة بين مكة والمدينة من أعمال الفرع، فلحقه أبو قتادة رضي الله عنه، وأبلغ النبي صلى الله عليه وسلم سلام أصحابه رضي الله عنهم، وطلب منه انتظارهم؛ حتى لا يقطع طريقهم العدو وينفصلوا عنه، ثم أخبره بما حدث وأنه اصطاد حمارا وحشيا وهو حلال غير محرم بأي نسك، وأكل معه أصحابه وهم محرمون، فأقر النبي صلى الله عليه وسلم فعلهم، وأخبره بجواز أكلهم من صيد الحلال، ووجه الحاضرين أن يأكلوا مما أحضره أبو قتادة
وفي الحديث: مشروعية أكل لحوم الحمر الوحشية
وفيه: بيان ما يشرع أكله للمحرم من الصيد، وهو الذي صاده الحلال، دون أن يساعده المحرم عليه بشيء
وفيه: الرفق بالأصحاب والرفقاء في السفر
وفيه: مشروعية إرسال السلام إلى الغائب