باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان من إباحته
بطاقات دعوية
حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: كنا نسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة فيرد علينا، فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه فلم يرد علينا، وقال: إن في الصلاة شغلا
الصلاة صلة بين العبد وربه، والمصلي مناج ربه، ومن ثم يجب أن يقف فيها العبد خاشعا لله عز وجل، مفرغا قلبه وعقله، وسائر جوارحه من جميع الشواغل، والكلام أثناء الصلاة مناف للخشوع وصارف عنه
وفي هذا الحديث يخبر عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنهم كانوا يلقون السلام على النبي، فيرد صلى الله عليه وسلم عليهم السلام وهو في الصلاة، فلما رجعوا من عند النجاشي، لقب لملك الحبشة، وهذا الملك اسمه أصحمة، أسلم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ومات قبل الفتح؛ وذلك أن المسلمين لما اشتد عليهم أذى المشركين قصد بعضهم الهجرة إلى أرض الحبشة؛ مخافة الفتنة، وفرارا إلى الله تعالى بدينهم، فكانت أول هجرة في الإسلام، وكان ابن مسعود رضي الله عنه من هؤلاء، واجتماعهم بالنبي صلى الله عليه وسلم كان بالمدينة عند رجوعهم من الهجرة الثانية، وقيل: كان ذلك بمكة عند رجوعهم من الهجرة الأولى، وقد هاجر ابن مسعود رضي الله عنه الهجرتين إلى الحبشة، قال: فلما رجعنا من هجرتنا إلى الحبشة، سلمنا عليه، فلم يرد علينا، وقال: إن في الصلاة شغلا، أي: إن المصلي وظيفته أن يشتغل بصلاته، فيتدبر ما يقوله من قراءة القرآن، والذكر، والدعاء، أو التعظيم، فالمصلي مناج لربه، فواجب عليه ألا يقطع مناجاته بكلام مخلوق، وأن يقبل على ربه، ويلتزم الخشوع، ويعرض عما سوى ذلك
وقال سليمان الأعمش -أحد رواة الحديث- لشيخه إبراهيم النخعي: كيف تصنع أنت؟ يعني: حين يلقي عليك أحد السلام في أثناء صلاتك، قال: أرد في نفسي، أي: في ذهني دون تحريك لسان، أو إخراج حروف.
وفي الصحيحين عن زيد بن أرقم رضي الله عنه: «إن كنا لنتكلم في الصلاة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، يكلم أحدنا صاحبه بحاجته، حتى نزلت {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين} [البقرة: 238]، فأمرنا بالسكوت»
وفي الحديث: وقوع النسخ لبعض أحكام الصلاة