باب تحويل الاسم إلى اسم أحسن منه 1
بطاقات دعوية
عن سهل قال: أتي بالمنذر بن أبي أسيد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - حين ولد، فوضعه على فخذه، وأبو أسيد جالس، فلها النبي - صلى الله عليه وسلم - بشيء بين يديه، فأمر أبو أسيد بابنه فاحتمل من فخذ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فاستفاق النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال:
"أين الصبى؟ "، فقال أبو أسيد: قلبناه يا رسول الله، قال: "ما اسمه؟ "، قال: فلان، قال: "ولكن اسمه ا
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُغيِّرُ أسماءَ بعضِ مَن يَأتيه إنْ كان فيها ما يُخالِفُ العقيدةَ الصَّحيحةَ كالعُبوديَّةِ لغيرِ اللهِ، أو كان فيها معنًى سيِّئٌ؛ لِمَا يَترُكُه هذا مِن أثرٍ في طَبْعِ المسمَّى به.
وفي هذا الحديثِ يَحكي سَهلُ بنُ سَعدٍ رضِيَ اللهُ عنه أنَّ المنذرَ بنَ أبي أُسَيدٍ مالِكَ بنَ رَبيعةَ السَّاعِدِيَّ الأنصارِيَّ رَضِيَ اللهُ عنهما أُتِيَ به إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حين وُلِد ليُحنِّكَه ويُبارِكَ عليه، فوضَعه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على فَخِذِه إكرامًا لأبيه، وأبو أُسَيدٍ جالسٌ، «فَلَهَا» أي: انْشَغَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بشَيءٍ بيْن يَدْيه، «فأمَرَ أبو أُسَيدٍ بابنِه فاحتُمِل»، أي: رُفِعَ مِن على فَخِذِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، «فاستفاقَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم»، أي: رجَع عمَّا كان قدْ شُغِل به، فسأل النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أين الصبيُّ؟ فأجاب أبو أُسَيدٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنهم أخذوه لانشغالِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فسأله النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن اسمِه، ولم يُرِدْ ذِكرَ اسمِه الذي سُمِّيَ به، فكأنَّه كان قد سمَّاه اسمًا ليس مُستحسَنًا، فسكت عن تعيينِه، أو سَمَّاه فنَسِيَه بعضُ الرُّواةِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «ولكنْ أَسْمِهِ المُنذِرَ، فسمَّاه يومَئذٍ المُنذِرَ»، والمعنى: ليس هذا الاسمُ الذي سمَّيتَه به اسمًا يليقُ به، فسَمَّاه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المنذِرَ، وذلك تفاؤلًا أن يكونَ له عِلمٌ يُنذَرُ به، ولعلَّه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ لمح إلى معنى التفَقُّهِ في الدِّينِ في قَولِه تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: 122].
وفي الحَديثِ: تَواضُعُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفيه: رَحمةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالصِّغارِ، وإكرامُه لهم ولوالدِيهم.
وفيه: الحرصُ على اختيارِ الأسماءِ الجميلةِ للأبناء.
لمنذر"، فسماه يومئذ المنذر.