باب تسمية العبد والأمة والمولى والسيد

بطاقات دعوية

باب تسمية العبد والأمة والمولى والسيد

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يقل أحدكم اسق ربك وأطعم ربك وضئ ربك ولا يقل أحدكم ربي وليقل سيدي ومولاي ولا يقل أحدكم عبدي أمتي وليقل فتاي فتاتي غلامي. (م 7/ 47

بيَّنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في هذا الحديثِ أدَبًا مِن آدابِ اللِّسانِ، الَّتي تُربِّي النَّاسَ على التَّواضُعِ، حيث يُبيِّنُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كَيف تكونُ المُناداةُ بيْن السَّيِّدِ ومَملوكِه، فنَهى السَّيِّدَ عن التَّحدُّثِ لمَملوكِه أو مَملوكِ غيرِه بقَولِه: «أَطعِمْ ربَّكَ»، أمْرٌ مِن الإطعامِ، وهو تَقديمُ الطَّعامِ، أو «وضِّئْ ربَّك»، أمْرٌ مِن وَضَّأَه يُوضِّئُه. أو «اسْقِ ربَّك»، وهو أمرٌ مِن سَقاهُ يَسْقيه، إذا ناوَلَه الماءَ وغيرَه مِن الشَّرابِ، وأنْ يَقولَ بدَلًا مِن ذلك: «سَيِّدي، مَولاي».
وكذا نَهى السَّيِّدَ عن تَسميةِ المملوكِ بالعبْدِ والأَمَةِ؛ لأنَّ العُبوديَّةَ المُطلَقةَ تكونُ لله وحْدَه، وأَبدَلَه بقولِ: «فتايَ، وفَتاتي، وغُلامي».
وسَببُ النَّهيِ أنَّ الإنسانَ مَربوبٌ مُتعبَّدٌ بإخلاصِ التَّوحيدِ للهِ تَعالى وترْكِ الإشراكِ معه، فكُرِهَ له المُضاهاةُ بالاسمِ؛ لئلَّا يَدخُلَ في معْنى الشِّركِ، ولا فرْقَ في ذلك بيْن الحُرِّ والعبْدِ، وأمَّا ما لا تَعبُّدَ عليه مِن سائرِ الحَيَواناتِ والجَماداتِ، فلا يُكرَهُ أنْ يُطلَقَ ذلك عليه عندَ الإضافةِ، كقَولِ: ربُّ الدَّارِ والثَّوبِ.
وأمَّا قولُه تَعالى: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} [يوسف: 42]، وقولُه: {ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ} [يوسف: 50]، فقدْ وَرَدَ لبَيانِ الجَوازِ، والنَّهيُ في الحديثِ للأدَبِ والتَّنزيهِ دونَ التَّحريمِ، أو النَّهيُ عن الإكثارِ مِن ذلك واتِّخاذِ هذه اللَّفظةِ عادةً، ولم يَنْهَ عن إطلاقِها في نادرٍ مِن الأحوالِ.
وفي الحديثِ: مُراعاةُ آدابِ اللِّسانِ، حتَّى لو لم تَقدَحْ في الشَّريعةِ.