باب تصريف الله القلوب كيف شاء
بطاقات دعوية
عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - يقول إنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك. (م 8/ 51)
اللهُ عزَّ وجلَّ مالِكُ كلِّ شَيءٍ، وبيَدِه أُمورُ القُلوبِ؛ فيَنْبغي على المُسلِمِ أنْ يَسأَلَ ربَّهُ الثَّباتَ على الحقِّ والهُدى
وفي هذا الحديثِ يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ «أنَّ قُلوبَ بَني آدمَ كُلَّها» أي: تَصرُّفَها وتَقلُّبَها، «بيْنَ إِصبَعينِ مِن أَصابعِ الرَّحمنِ كَقلبٍ واحدٍ؛ يُصرِّفُه حَيثُ يَشاءُ» فاللهُ سُبحانَه وتَعالَى هو المُتمكِّنُ مِن قُلوبِ العِبادِ كُلِّهم؛ فالعَبدُ ليْس إليه شَيءٌ مِن أَمرِ سَعادتِه، أو شَقاوتِه، بلْ إنَّ الأمرَ كلَّه للهِ؛ فإنِ اهتَدَى فبِهِدايةِ اللهِ تَعالَى إيَّاه، وإنْ ضَلَّ فبِصَرْفِه له بحِكمَتِه وعَدلِه، وعِلمِه السَّابقِ، كما أنَّ ثُبوتَه على الإيمانِ فبتَثبيتِه عَزَّ وجَلَّ، كما قال اللهُ تَعالَى: {بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ} [الحجرات: 17]ثُمَّ دَعا صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «اللَّهمَّ مُصرِّفَ القُلوبِ» والتَّصريفُ هو التَّغييرُ والتَّقليبُ، أي: يا ربِّ يا مُقلِّبَها إلى ما شاءَ مِن هِدايةٍ أو غِوايةٍ، «صَرِّفْ قُلوبَنا عَلى طاعتِك»، أي: ثَبِّت قُلوبَنا، واصْرِفْها إِلى طاعتِك ومَرضاتِك في كُلِّ ما تُحبُّه منَ الأَقوالِ، والأَعمالِ والأَخلاقِ، وهذا يُبيِّنُ شِدَّةَ خَوفِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن ربِّه عزَّ وجلَّ؛ حيث يَدْعو أنْ يُصرِّفَ اللهُ قَلْبَه على طاعتِه، وذلك مِن شِدَّةِ حِرصِه على تَنبيهِ أُمَّتِه ألَّا يُصِيبَها ذُهولٌ ولا غَفلةٌ عن مُراقَبةِ أعمالِهِم وخَواتيمِها
وفي الحديثِ: ثُبوتُ صِفةِ الأَصابعِ للهِ عزَّ وجلَّ
وفيهِ: ثُبوتُ قَدَرِ اللهِ السَّابقِ لخَلقِه، وهوَ عِلمُه الأَشياءَ قبلَ كَونِها وكتابتُه لَها قبلَ بَرئِها
وفيهِ: الافتِقارُ إِلى اللهِ عزَّ وجلَّ في كُلِّ حينٍ بالدُّعاءِ