باب تضييع الصلاة عن وقتها
بطاقات دعوية
عن الزُّهري قالَ: دخلت على أَنس بنِ مالك بدمَشقَ وهو يبكي، فقلتُ له: ما يُبْكيكَ؟ فقالَ: لا أَعرفُ شيئاً ممَّا أَدركتُ إلا هذه الصلاةَ، وهذه الصلاةُ قد ضُيِّعتْ، (وفي طريقٍ أخرى عنه: ضيَّعْتُم ما ضيَّعتم فيها).
الصَّلاةُ هي عَمودُ الدِّينِ وأساسُه، يُبنى عليها غَيرُها، فمَن حافَظَ عليها كما أدَّاها رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، كان حافِظًا لِمَا سِواها، ومَن ضَيَّعَها كانَ لِسِواها أضيَعَ.
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ أنَسُ بنُ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنه: ما أعرِفُ شَيئًا مِمَّا كانَ على عَهدِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. وفي روايةٍ: أنَّ ذلكَ كان بدِمَشقَ، ويُريدُ بقولِه ذلك تَرْكَ السُّنَنِ، وكَثيرًا مِمَّا كان في عَهدِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فتَعَجَّبَ بَعضُ مَن يَسمَعُه، فقيلَ: الصَّلاةُ. يَعني أنَّ الصَّلاةَ كانتْ مِمَّا عُرِفَ على عَهدِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهي مَوجودةٌ، فقال أنَسٌ: أليسَ ضَيَّعتُم ما ضَيَّعتُم فيها؟! يَعني: بتَأخيرِها عن وَقتِها، أو إخراجِها عن وَقتِها.وفي رِوايةِ أحمَدَ: «قد صَلَّيتُم حِينَ تَغرُبُ الشَّمسُ»، فقَصَدَ بتَحذيرِه رَضيَ اللهُ عنه تَأخيرَهم صَلاةَ العَصرِ عن أوَّلِ وَقتِها إلى أوقاتِ النَّهيِ التي تُكرَهُ فيها الصَّلاةُ.
وفي الحَديثِ: حِرصُ الصَّحابةِ على سُنَنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وتَحذيرُهم مِنَ التَّهاوُنِ فيها.