باب تقديم الظعن من مزدلفة

بطاقات دعوية

باب تقديم الظعن من مزدلفة

عن عبد الله مولى أسماء قال قالت لي أسماء وهي عند دار المزدلفة هل غاب القمر قلت لا فصلت ساعة ثم قالت يا بني هل غاب القمر قلت نعم قالت ارحل بي فارتحلنا حتى رمت الجمرة ثم صلت في منزلها فقلت لها أي هنتاه (3) لقد غلسنا قالت كلا أي بني إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن للظعن. (م 4/ 77

قال اللهُ تعالَى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]، وقال: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]، وقد ظَهَرَ هذا جَلِيًّا في مَناسِكِ الحجِّ مِن التَّيسيرِ على الناسِ، ورَفْعِ المَشقَّةِ عنهم، ورَفْعِ المَشقَّةِ عنهم، ورَحمتِها خُصوصًا بالضُّعفاءِ والنِّساءِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ كَيسانَ مَولى أسماء بنتِ أبي بكْرٍ الصِّدِّيقِ أنَّ أسماءَ بنتَ أبي بكْرٍ رَضيَ اللهُ عنهما نزَلَتْ لَيلَةَ العاشرِ مِن ذي الحجَّةِ بعدَ الإفاضةِ مِن عَرَفاتٍ إلى مُزْدَلِفةَ -والمُزدلِفةُ: اسمٌ للمكانِ الذي يَنزِلُ فيه الحجيجُ بعْدَ الإفاضةِ مِن جبَلِ عَرَفاتٍ، ويَبيتونَ فيه لَيلةَ العاشرِ مِن ذي الحِجَّةِ، وفيه المَشعَرُ الحرامُ، وتُسمَّى جَمْعًا، وتَبعُدُ عن عَرَفةَ حوالي (12 كم)، وهي بجِوارِ مَشعَرِ مِنًى- فأحيَتْ بعضَ اللَّيلِ بالعِبادةِ والصَّلاةِ، ثمَّ قالت لِمَولاها عبدِ اللهِ: يا بُنيَّ، هلْ غاب القمَرُ؟ فأجابها بـ«لا»، فواصَلَت إحياءَ لَيلِها بالصَّلاةِ والدُّعاءِ، واستَمرَّت حتَّى غابَ القَمرُ -ومَغيبُ القمَرِ تلك اللَّيلةَ يَقَعُ عندَ أوائلِ الثُّلثِ الأخيرِ، قبْلَ الفجْرِ بنحْوِ ساعةٍ ونِصفٍ إلى ساعتينِ، وسَببُ سُؤالِها لِتَعلَمَ كمْ بَقِيَ مِن اللَّيلِ؛ فقدْ كُفَّ بَصَرُها في نِهايةِ حَياتِها رَضيَ اللهُ عنها- فانْصَرَفَت إلى مِنًى -وهو وادٍ يُحيطُ به الجِبالُ، يقَعُ في شرْقِ مكَّةَ على الطَّريقِ بيْن مكَّةَ وجبَلِ عَرفةَ، ويَبعُدُ عن المسجِدِ الحرامِ نحوَ (6 كم) تَقريبًا، وهو مَوقعُ رمْيِ الجَمراتِ- فلمَّا وصَلَتْ إليها رمَتْ جَمرةَ العَقبةِ في آخِرِ اللَّيلِ قبْلَ الفَجرِ، ثمَّ رَجَعَت فصَلَّت الصُّبحَ في مَكانِها الذي نزَلَتْه في المُزدلِفةِ. فقالَ لها مَولاها: يا هَنْتَاهُ -أي: يا هذِه- ما أظُنُّ إلَّا قَد غَلَّسْنَا، أي: جِئنا بِغَلَسٍ، وهو ظَلامُ آخِرِ اللَّيلِ، والمعنى: أنَّنا تَسرَّعنا في الرَّحيلِ مِن مُزْدَلِفةَ ورَمْيِ الجَمْرةِ باللَّيلِ، فأجابَت بأنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أذِنَ ورخَّصَ لِلظُّعُنِ، والظُّعُنِ جَمْعُ ظَعينةٍ، وهي المرأةُ في الهَودجِ، ثمَّ أُطلِقَ على المرأةِ مُطلقًا، أي: رَخَّص للنِّساءِ في النُّزولِ مِن مُزْدَلِفةَ إلى مِنًى في آخِرِ اللَّيلِ قبلَ الفَجرِ؛ ليَكونَ أبعَدَ عن مَشقَّةِ الزِّحامِ.
وفي الحديث: مَشروعيَّةُ تَقديمِ الضَّعَفةِ والنِّساءِ مِن مُزدلِفةَ إلى مِنًى قبْلَ طُلُوعِ الفَجْرِ وبعْدَ نِصْفِ اللَّيلِ؛ لِيَرموا جَمْرةَ العَقبةِ.