باب ثواب الطهور 5
سنن ابن ماجه
حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا الأوزاعي، حدثنا يحيى بن أبي كثير، حدثني محمد بن إبراهيم، حدثني شقيق بن سلمة، حدثني حمران مولى عثمان بن عفان
قال: رأيت عثمان بن عفان قاعدا في المقاعد، فدعا بوضوء فتوضأ، ثم قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مقعدي هذا توضأ مثل وضوئي هذا، ثم قال: "من توضأ مثل وضوئي هذا، غفر له ما تقدم من ذنبه"، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ولا تغتروا" (1).
كان الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم يَحْمِلون رايةَ الدِّينِ، ويَرْفَعون لِواءَ الإسلامِ؛ فكانوا يَنْقُلون العِلمَ الذي حَمَلوه مِن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى الأَجيالِ التي جاءَتْ بعدَهم.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ حُمْرانُ مَولى عُثمانَ بنِ عَفَّانَ أنَّ عُثمانَ رَضيَ اللهُ عنه جَلَسَ للنَّاسِ بالمَقاعِدِ يُعلِّمُهم وُضوءَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، والمَقاعِدُ: مَوضِعٌ عندَ بابِ المَسجِدِ، وقيلَ: كانَت حِجارَةً بقُرْبِ دارِ عُثمانَ يَقْعُدُ علَيها رَضيَ اللهُ عنه، وقيلَ: هي الدَّرَجُ، "فغَسَلَ ثَلاثًا ثَلاثًا"، أي: فغَسَلَ أَعضاءَ الوُضوءِ؛ الوَجْهَ واليَدَينِ إلى المِرْفَقَينِ والقَدَمَينِ إلى الكَعْبَينِ، كُلَّ عُضْوٍ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ويَبْدَأُ بالمَيامِنِ ثُمَّ المَياسِرِ في الغَسْلِ، وفي رِوايةِ الصَّحيحَينِ: "أنَّه مَسَحَ رَأْسَه مَرَّةً واحِدةً"، وبعدَ أنْ أتَمَّ وُضوءَه رَضيَ اللهُ عنه أَخبَرَ عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه قالَ: "مَن تَوضَّأَ وُضوئي هذا"، أي: دونَ تَقْصيرٍ أو مُبالَغةٍ، وفيه إشارةٌ منه رَضيَ اللهُ عنه إلى تَحرِّيه مُطابَقةَ وُضوئِه لوُضوءِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "ثُمَّ قامَ إلى الصَّلاةِ"، وفي رِوايةِ الصَّحيحَينِ: "ثُمَّ صلَّى رَكْعتَينِ لا يُحدِّثُ فيهما نَفْسَه"، والمُرادُ: أنَّه صلَّى في خُشوعٍ وتَدبُّرٍ، "سَقَطَتْ خَطاياه"، أي: مُحِيَ ما كان علَيه مِن السيِّئاتِ التي اكْتَسَبَها بوَجْهِه؛ كالنَّظَرِ إلى مُحرَّمٍ، والكلامِ بالمُحرَّمِ، والاستِماعِ إلى ما نَهى اللهُ عنه، وكذلك تُمْحى ذُنوبُه التي اكْتَسَبَها بيَدَيه ورِجْلَيه ورَأْسِه.