باب أجر الأجراء 2

سنن ابن ماجه

باب أجر الأجراء 2

حدثنا العباس بن الوليد الدمشقي، حدثنا وهب بن سعيد بن عطية السلمي، حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيهعن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه" (1).

لقدْ نظَّمَ الشَّرعُ الحكيمُ العِلاقةَ بينَ النَّاسِ في العمَلِ والمُؤاجرةِ، وحثَّ على إعطاءِ الحُقوقِ للعُمَّالِ والمُستأجِرينَ.
وفي هذا الحديثِ يُخْبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عمرَ رضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: "أَعْطُوا الأجيرَ أجْرَه قبْلَ أنْ يَجِفَّ عَرَقُه"، وفي روايةٍ: (حَقَّه) بدل (أجْرَه)، وهذا توجيهٌ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى الأغنياءِ والمُستأجِرينَ برِعايةِ حَقِّ الأجيرِ بتأديةِ أجْرِه إليه دونَ تأخيرٍ ومُماطلةٍ، حيث قال: (قبْلَ أنْ يجِفَّ عَرَقُه)؛ فالأمْرُ بإعطائِه قبْلَ جَفافِ عَرَقِه إنَّما هو كِنايةٌ عن وُجوبِ المُبادَرةِ عَقِبَ فَراغِ العملِ إذا طلَبَ، وإنْ لم يعرَقْ أو عَرِقَ وجَفَّ، والمُرادُ منه: المُبالغةُ في إسراعِ الإعطاءِ وترْكِ المُمطالَةِ في الإيفاءِ، ورُبَّما يكونُ الأجْرُ مالًا ونقْدًا، أو طعامًا، أو كِسوةً، بحسَبِ ما يتَّفِقُ عليه الطَّرفانِ، وفي كلِّ الأحوالِ يجِبُ على المَخدومِ أو المُستأجِرِ أنْ يُؤَدِّيَ إلى الخادِمِ أو العامِلِ ما يستحِقُّ، ولا يجوزُ له أنْ يظلِمَه بنقْصِ أُجْرَتِه أو مُماطلَتِه فيها؛ فإنْ فعَلَ شيئًا مِن ذلك فقدِ ارتكَبَ ظُلمًا، واللهُ تعالى ذَمَّ الظُّلمَ والظَّالمينَ في كتابِه، كما حذَّرَ الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم منه.
وفي الحديثِ: الحَثُّ على إيفاءِ حُقوقِ الأُجَراءِ وعدَمِ مُماطلَتِهم في حُقوقِهم.
وفيه: أنَّ الإسلامَ قد ضَمِنَ للعامِلينَ حُقوقَهم وتوفيرَ الحياةِ الكريمةِ لهم.