باب حق إجابة الوليمة، والدعوة، ومن أولم سبعة أيام ونحوه
بطاقات دعوية
عن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
"فكوا العاني، [([قال سفيان 6/ 195]: يعني الأسير)، وأطعموا الجائع 4/ 30]، وأجيبوا الداعي، وعودوا المريض".
حقُّ المُسلِمِ على أخيه المسلمِ كبيرٌ، ولا يقومُ بهذا الحَقِّ إلَّا مُؤمِنٌ قَوِيُّ الإيمانِ أصيلُ المَعدِنِ، وقد كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُربِّي النَّاسَ على القيامِ بحُقوقِ الأُخُوَّةِ فيما بينهم؛ حتَّى يكونَ المجتَمَعُ مُتحابًّا مُتعاوِنًا، فيهنَأُ النَّاسُ في الدُّنيا بطِيبِ العَيشِ، ويَسعَدوا في الآخِرةِ بالأَجْرِ الجَزيلِ مِنَ اللهِ عزَّ وجَلَّ.
وفي هذا الحديثِ يَأمرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بثَلاثةِ أمورٍ كلُّها مِن حقِّ المسلِمِ على المسلِمِ؛ فأمَر صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بإطعامِ الجائع، وأرادَ به القدْرَ الزَّائدَ على الواجبِ في الزَّكاةِ، وسَواءٌ فيه الصَّدقةُ والهَديةُ والضِّيافةُ؛ لأنَّ إطعامَ الطَّعامِ به قِوامُ الأبدانِ، وتَزدادُ فَضيلةُ إطعامِ الطَّعامِ وبذْلِه في الوقتِ الَّذي تَزدادُ الحاجةُ له.
وأمَرَ بزيارتِه إذا مَرِضَ، والدُّعاءِ له، بشَرْطِ ألَّا يَضُرَّه بزِيارتِه؛ كأنْ يُطيلَ الجلوسَ عندَه، أو يَضُرَّ نفْسَه؛ كأنْ يكونَ مَريضًا بمَرضٍ مُعْدٍ، فيَكْتفي بالسُّؤالِ عنه والدُّعاءِ له دونَ زِيارتِه. وفي العادةِ تكونُ عِيادتُه لأخيهِ سَببًا لتَقويةِ أواصرِ الحبِّ، وربَّما تكونُ سَببًا لوُجودِ نَشاطِه، وانتعاشِ قُوَّتِه.
وأمَرَ بفَكِّ العَانِي، والعاني: هو الأسيُر؛ فيَجِبُ السَّعيُ في فكِّهِ وتَخليصِه مِن الأَسْرِ بكلِّ طَريقٍ مُتاحٍ، سواءٌ بالمالِ أو بغيرِه.
ومِثلُ هذه الحُقوقِ إذا قام بها النَّاسُ بعضُهم مع بعضٍ، تَزيدُ مِن الأُلفةِ والمودَّةِ، وتُزيلُ مِن القلوبِ والنُّفوسِ الضَّغائنَ والأحقادَ.
وفي الحَديثِ: الحثُّ والتَّرغيبُ على إصلاحِ العَلاقاتِ بيْنَ النَّاسِ، والأخذُ بالأسبابِ الموصِلةِ إلى ذلك.