باب ذكر الإقراء 3
سنن النسائي
أخبرنا عيسى بن حماد قال أنبأنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن بكير بن عبد الله عن المنذر بن المغيرة عن عروة أن فاطمة بنت أبي حبيش حدثته : أنها أتت رسول الله صلى الله عليه و سلم فشكت إليه الدم فقال لها رسول الله صلى الله عليه و سلم إنما ذلك عرق فانظري إذا أتاك قرؤك فلا تصلي وإذا مر قرؤك فلتطهري ثم صلي ما بين القرء إلى القرء قال أبو عبد الرحمن قد روي هذا الحديث هشام بن عروة عن عروة ولم يذكر فيه ما ذكر المنذر
قال الشيخ الألباني : صحيح
الحَيضُ دمُ صِحَّةٍ وجِبِلَّةٍ، يُصيبُ المرأةَ مرَّةً كلَّ شهرٍ في غالبِ عادةِ النِّساءِ، ويَستمِرُّ أيَّامًا معَيَّنةً مِن كلِّ شهرٍ، غالبًا ما تَعرِفُها المرأةُ، بخِلافِ دمِ الاستِحاضةِ؛ فإنَّه دمٌ يَخرُجُ مِن المرأةِ على سبيلِ المرضِ؛ ولذلك فإنَّه يَزيدُ عن أيَّامِ الحيضِ المعتادةِ للمرأةِ، وعن أكثرِ مدَّةٍ ممكنةٍ للحَيضِ، ومِنَ النِّساءِ مَن يَظلُّ الدَّمُ عندَها دُونَ انقطاعٍ، وكلُّ دمٍ زاد عن حدِّ الحَيضِ ووقتِه فهو دمُ استِحاضةٍ
وفي هذا الحديثِ تخبِرُ عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ أمَّ حَبيبةَ بنتَ أبي سُفْيانَ أمَّ المؤمنينَ رَضيَ الله عنها كانتْ مُستحاضةً، وظلَّتِ استِحاضتُها مدَّةَ سبْعِ سنينَ، فسألَتِ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن كيفيَّةِ طهارتِها لأداءِ الصَّلاةِ وغيرِها مِنَ العِباداتِ، فأمَرها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أن تغتسِلَ بعْدَ مرورِ أيَّامِ حَيضتِها الأصليَّةِ، وبيَّن لها أنَّ هذا عِرقٌ، أي: نزيفٌ مِن أحدِ العروقِ، وليس الحَيضَ المعروفَ، وعلى هذا فإنَّ حُكمَ المستحاضةِ أن تَغتسلَ بعْدَ أن تمُرَّ أيَّامُ الحَيضِ المعتادةِ، ولا تَلتفِتَ للدَّمِ الَّذي لا يَنقطعُ بعْدَ مرورِ عادتِها؛ لأنَّه دمُ استِحاضةٍ، فتتوضَّأَ لكلِّ صَلاةٍ، وتضَعَ ما تَحترِزُ به عن الدَّمِ كما جاء في الرِّواياتِ عندَ أبي داودَ وغيرِه مِن حديثِ فاطمةَ بنتِ أبي حُبَيشٍ رَضيَ اللهُ عنها. وقولُها: «فكانتْ تَغتسِلُ لكلِّ صَلاةٍ» قيل: إنَّما أمَرها صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أن تَغتسِلَ مِن حَيضتِها وتُصلِّيَ، وكان الاغتسالُ لكلِّ صَلاةٍ منها تطَوُّعًا، وقيل: إنَّما كان الاغتسالُ مِنَ الدَّمِ الَّذي أصابها؛ لأنَّه مِن إزالةِ النَّجاسةِ، وهي شرْطٌ في صحَّةِ الصَّلاةِ، وقيل: إنَّ حُكمَ الاغتِسالِ الَّذي
في هذا الحديثِ منسوخٌ بحديثِ فاطمةَ بنتِ أبي حُبَيشٍ الَّذي فيه الأمرُ بالوُضوءِ لكلِّ صَلاةٍ لا الغسلِ، والجمعُ بيْنَ الحديثَينِ بحملِ الأمرِ في حديثِ أمِّ حبيبةَ على النَّدبِ أَولى
وفي الحديثِ: أنَّ الاستِحاضةَ لا تمنَعُ المرأةَ الصَّلاةَ، ومُباشرتَها للعِباداتِ