باب ذكر العلم والفتيا في المسجد

بطاقات دعوية

باب ذكر العلم والفتيا في المسجد

عن عبدِ الله بن عمر أن رجلاً قامَ في المسجدِ فقالَ: يا رسولَ اللهِ! مِنْ أينَ تأمرُنا أنْ نُهِلَّ؟ فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:
" يُهِلُّ (وفي طريقٍ آخر: مُهَلُّ ) أهلِ المدينةِ من ذِي الحُلَيْفَةِ، ويُهلُّ أَهلُ الشامِ مِنَ [مَهْيَعة، وهي ] الجُحْفَةِ، ويُهلُّ أَهلُ نَجْدٍ منْ قَرْنٍ".
(ومن طريق زيد بن جُبير: أنه أتى عبدَ اللهِ بن عمر رضي الله عنهما في منزلهِ، وله فُسطاطٌ وسُرادقٌ، فسألته: من أين يجوز أن أَعتمرَ؟ قال: فرضها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل نجد قرناً. وذكر نحوه )، وقال ابن عمرَ: ويزعمون أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ:
" ويُهلُّ أَهلُ الْيمَنِ مِن يَلَمْلَمَ".
وكانَ ابنُ عمرَ يقولُ: لم أَفقَهْ (وفي روايةٍ: لم أَسمع ) هذهِ من رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -[وذُكر العراق، فقال: لم يكن عراقٌ يومئذٍ ] .

للحجِّ مَواقيتُ مكانيَّةٌ يُحرِمُ منها الحاجُّ، وله أحكامٌ جاء تَفصيلُها في سُنَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.وفي هذا الحديثِ يُخبِرُنا عبدُ اللهِ بنُ عمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ رَجُلًا قامَ في المَسجِدِ النَّبويِّ، فسَأَلَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مِن أيْنَ تَأمُرُنا أنْ نُهِلَّ؟ أي: نَبدَأَ التَّلبيةَ والإهلالَ، هو رَفعُ الصَّوتِ بالتَّلبيةِ بنِيَّةِ الإحرامِ بالحجِّ أو العُمرةِ.فأمَرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالإهلالِ لأهلِ المَدينةِ مِن ذي الحُلَيفةِ، وهو: مَوضِعٌ خارِجَ المدينةِ في طَريقِ مكَّةَ، وهو مِيقاتُ أهلِ المدينةِ وبيْنه وبيْن مَكَّةَ (420كم)؛ فهو أبعدُ المواقيتِ عنها. ولأهلِ الشَّامِ ولِمَن مرَّ على مِيقاتِهم مِن الجُحْفةِ، وتقَعُ بيْن مَكَّةَ والمَدينةِ، وتَبعُدُ عن مَكَّةَ (190 كم) تَقريبًا، وهي قَريةٌ بالقُربِ مِن رَابِغَ. ولأهلِ نَجْدٍ ولمَن مرَّ على مِيقاتِهم مِن قَرْنٍ، أي: مِن قَرْنِ المنازلِ، ويُسمَّى الآنَ السَّيلَ الكَبيرَ، ومَوقِعُه شَمالَ مَدينةِ الطائفِ، ويَبعُدُ عنها (55 كم)، ويَبعُدُ عن مكَّةَ المُكرَّمةِ (75 كم)، ونَجْدٌ: هي أرضٌ بيْن الحِجازِ والعراقِ، ونجْدٌ الآنَ تُمثِّلُ قلْبَ الجَزيرةِ العربيَّةِ، تَتوسَّطُها مَدينةُ الرِّياضِ عاصمةُ المَملكةِ العَربيَّةِ السُّعوديةِ، وتَشمَلُ أقاليمَ كثيرةً؛ منها: القَصيمُ، وسديرُ، والأفلاجُ، واليَمامةُ، والوشمُ، وغيرُها.ثمَّ أخبَرَ ابنُ عمَرَ أنَّه لم يَعلَمْ مِن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه أمَرَ بأنْ يُهِلَّ أهلُ اليمَنِ مَن يَلَمْلَمَ، وهو جبَلٌ في جَنوبِ مكَّةَ، ويَبعُدُ عنها (85 كم) جنوبًا.وفي الحديثِ: حِرصُ الصَّحابةِ رَضيَ اللهُ عنهم على تَبليغِ حَديثِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على وَجْهِ الذي قال، حتَّى وإنْ لم يَفهَموا بَعضَه.